دخل حزب الله من جديد على خط المصالحة بين الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل. دخول أدى إلى عقد لقاءين “من أفضل اللقاءات في تاريخ العلاقة”، على حد قول أحد المشاركين فيهما. حصل ذلك قبل أن يمرّ قانون التمديد، الذي ينبئ بعودة الأمور خطوات إلى الوراء
من المؤكّد أن التمديد الثاني لمجلس النواب ليس سوى رأس جبل التحفظات التي راكمتها الأيام بين التيار الوطني الحر والرئيس نبيه برّي. تحفظات تُعيد العلاقة بين الطرفين 10 خطوات إلى الوراء مقابل خطوة إلى الأمام. لكن سرعان ما يتدخّل حليف الحليفين أو أحد “المصلحين” لرأب الصدع، ولا سيما عندما تخرج الأمور عن الحدّ المسموح به.
منذ فترة قصيرة دخل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين الخليل، ونائب رئيس مجلس النواب السابق، إيلي الفرزلي، على خط المصالحة بين الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل. تدخّل أثمر لقاءين في أقل من أربعة أسابيع، جلس الوزيران خلالهما ما يقارب ثماني ساعات في كل مرّة “لغسل القلوب، وفتح حوار جدّي حول النقاط الخلافية”.
منذ تأليف حكومة الرئيس تمّام سلام، يبدو خليل وباسيل أبعد ما يكونان عن التناغم في عدد من الملفات الحكومية. لا شكّ أن لسجل العلاقة غير الناصعة البياض بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، تأثيراً في مقاربة كل المواضيع من قبل كل منهما. فلا شيء تغيّر في تلك العلاقة المتأرجحة دوماً. لكن الحديث الدائم عن انفجار مرتقب بينهما، دفع حزب الله كالعادة إلى شدّ عصا التجاذب من نصفها منعاً لانعدام توازن العلاقة، التي كادت ملفات وزارة الطاقة أن “تحرقها”، إلى جانب ملفات أخرى لم تبدأ مع وزارة الأشغال، ولن تنتهي مع إقرار قانون التمديد في الهيئة العامة لمجلس النواب.
يفضّل الطرفان أن يكون حزب الله هو الراعي الوحيد للمصالحة
تُحاول مصادر الوزير خليل تبسيط حقيقة اللقاءات التي تحصل في الكواليس المشتركة. على اعتبار أن “العماد عون هو حليف لنا، ومكون أساسي في فريق الثامن من آذار”. فالرئيس برّي “لم ينفك يؤكّد، خلال لقائه مرتين برئيس تكتّل التغيير والإصلاح في عين التينة، قبل اجتماع خليل وباسيل، على الثوابت التي تجمعنا. وعون هو خيارنا الرئاسي، ونحن مقتنعون به وبسياسته في ما يتعلق بالمقاومة وبالعلاقات الخارجية”. لا يمنع ذلك بأن “كل الحديث عن كيمياء مفقودة بين الطرفين هو صحيح إلى حد ما”. لذلك كان “لا بد من تطعيم هذين اللقاءين بلقاءات أخرى، على مستوى قيادات الصف الثاني”. من دون تضخيم المشكلة، تقول المصادر إن “اللقاءات التي جمعت باسيل وخليل، بحضور حسين الخليل، كان لا بد منها نتيجة غياب النقاش السياسي الحقيقي طوال الأشهر الخمسة الماضية”. وهو غياب “أدّى إلى فوضى في إدارة العلاقة الثنائية، ما انعكس سلباً على باقي الملفات الداخلية”. ولأن هناك “الكثير من القضايا التي تحتاج إلى حل، كان لا بدّ من وضع ملفاتها على طاولة حوار بيننا”. في المقابل، لا تخفي المصادر أن “الانقطاع أتى بالتزامن مع بدء الحوار بين التيار الوطني الحر والمستقبل”!
تُحاول أكثر من جهة في كل مرّة التوسّط بين الطرفين لترطيب الأجواء. إلا أنهما يفضلان أن يكون حزب الله هو “الراعي الوحيد للمصالحة”. هذا ما يفسّر وجود “المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله في الجلسات، التي نوقش خلالها إلى جانب العلاقة السياسية، الملفات الحكومية والقضايا السياسية المتعلقة برئاسة الجمهورية والعمل الحكومي ومجلس النواب”. ومع أن جو النقاش بحسب المصادر كان “إيجابياً، وقارب بصراحة كل المواضيع من دون استثناء، مع توضيح المواقف والالتباسات التي حصلت، إلا أنه لم يلامس حدود الدخول في التفاصيل الدقيقة، أو وضع جدول أعمال محدّد للسير به في المرحلة المقبلة”. مع ذلك “هذان اللقاءان هما من أهم اللقاءات حصلت في تاريخ العلاقة”.
لكن ما حصل في الساعات القليلة الماضية، يُنبئ بإمكانية أن تذهب نتيجة هذه اللقاءات أدراج الرياح. فموقف كل من الرئيس برّي والجنرال عون في موضوع التمديد، وقرار التكتّل الذهاب إلى المجلس الدستوري، لن يفضي إلا إلى الدخول في دوامة التوتّر من جديد، خصوصاً أن أياً منهما لن يتساهل في موضوع الطعن بالقانون. فضلاً عن أن “برّي يعتبر أن الجنرال لم يف بوعده له بحضور الجلسة والتصويت ضد قانون التمديد”، فيما تؤكّد مصادر الرابية أن “الرئيس برّي فهمان غلط”!