IMLebanon

العونيون بمواجهة التمديد: تجميد الحكومة.. أو الشارع

عندما تسدل الستارة.. على التعيينات العسكرية

العونيون بمواجهة التمديد: تجميد الحكومة.. أو الشارع

الأكيد، أنّ الجنرال ميشال عون لم يكن بحاجة لانتظار خروج رمزي جريج من قاعة مجلس الوزراء ليقف على المنبر ويتلو أمام الاعلاميين محضر جلسة الأمس، ليدرك ما حصل خلف أسوار السرايا. فالمكتوب كان مقروءاً من عنوانه «الأسود»، من دون الحاجة الى الاطلاع على نصه.. والبقية تفاصيل لا تقدّم أو تؤخر.

ولا داعي طبعاً ليعتذر وزير الدفاع سمير مقبل عن مشاركته في الوفد الرسمي الذي سيقصد مصر مشاركاً في تدشين قناة السويس الجديدة، كي يستكمل جولة اتصالاته ولقاءاته، حرصاً منه على احترام مبدأ تداول السلطة في المواقع العسكرية البارزة، فالستارة أسدلت قبل أوانها.

كثيرة هي المؤشرات التي سبقت لحظة الحسم، في الجلسة المنتظرة منذ أسابيع، والتي دلت بالإصبع على أنّ قطار التمديد انطلق ولن يكون بمقدور رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» أن يصده حتى لو كانت الحكومة هي أولى «الأضاحي».

وبالفعل، فقد دونت بالأمس النهاية التراجيدية لأفشل مسرحية تجري على خشبة السلطة التنفيذية، حسب بعض المقربين من الرابية، حيث تماهت أدوار بعض الوزراء بين شهود الزور وأبطال ذلك العمل. أما دور البطولة فترك لوزير الدفاع، من دون منازع.

وقائع الجلسة كانت دليلاً حسياً على أن الأمور بلغت حائطاً مسدوداً. بالنتيجة، لم يكن هذا التطور مفاجئاً بالنسبة للفريق البرتقالي، لكنه كان بمثابة «شحمة على فطيرة» ما كانوا يتوقعونه: ثمة اصرار من الفريق الآخر على أخذ الحكومة الى بئر الشغور من دون ترك أي خط للرجعة، وكأنّ المقصود ارباك الجميع وضرب كل محاولات التفاهم، ولو المؤجل، أو حتى ايجاد صيغ تخديرية.

تكفي المشهدية التي تكفل وزير الدفاع بتقديمها، كما يقول مقربون من الرابية، للتأكد أنّ الجلسة بدت فاشلة في أداء أبطالها. يقولون «نسي مقبل أو تناسى أنّ دوره كوزير للدفاع يقضي باقتراح أسماء الضباط المؤهلين للمواقع الشاغرة. أي لكل موقع ضابط».

وقد يكون الرجل كريماً أكثر من غيره فيتقدم باسمين أو ثلاثة على أبعد تقدير. ولكن أن يحمل في جيبه لائحة تضم 30 اسما لثلاثة مواقع: قيادة الجيش ورئاسة الأركان والأمانة العامة لمجلس الدفاع الأعلى، «فهذا بمثابة هروب من المسؤولية».

ولكي تلبس التهمة وزير الدفاع، كما يقول هؤلاء، فقد أغفل الرجل أنّ سلة التعيينات العسكرية تتضمن الشواغر الأخرى في المجلس العسكري، ولا تقتصر فقط على المواقع الثلاثة التي أتى بأسماء الضباط لملئها، وكأنّ «لاوعيه» هو الذي ينطق، أو يقول من دون أن يلفظ أنّ مهمته تقتصر على المواقع التي سيأتي على ذكرها قرار تأجيل التسريح الذي أعده.. من دون غيرها من الشواغر.

ويزيد هؤلاء أنّ وزيريّ «تكتل التغيير» ذهبا بعيداً في تعاطيهما الايجابي في مجلس الوزراء، حرصاً منهما على عمل السلطة التنفيذية، وسعيا لحفر كوة في جدار التعيينات قد يصار الى توسيع حلقتها خلال الساعات المقبلة، وذلك من خلال التأكيد أمام «رفاقهما» الوزراء أنّهما لن يقفا عائقاً أمام تعيين رئيس جديد للأركان طالما أنّ العرف يقضي بأنّ المرجعية الدرزية هي التي تتولى عادة تسمية الضابط الذي سيتولى هذا الموقع… وبالتالي سيكون مفيداً سؤال هذه المرجعية عن رأيها كي يبنى على الشيء مقتضاه. لا بل راحا أبعد من ذلك من خلال التأكيد أنهما سيكونان مرنين جداً في هذه المسألة لأن المطلوب تكريس التعيين وليس التمديد.

الا أنّ معظم الوزراء، كما يروي المقربون من الرابية، تصرفوا على طريقة «شهود ما شافوا حاجة»، وأصروا على رفضهم لمنطق التعيين بحجة التباينات، وقرروا رمي كرة اللهب في ملعب الحكومة.

ولكن في الختام، بدا أن ما كتب قد كتب، وأنّ لا صوت يعلو فوق صوت التمديد. وحان وقت «الحدفة البرتقالية».

بدءاً من يوم غد، حين سيصبح قرار تأجيل التسريح ساري المفعول، وخارج اطار التكهنات أو حتى احتمالات التفاهم، خصوصاً إذا تأكدّ أنّه سيكون «ثلاثة بواحد»، بمعنى تضمنه قرار التسريح للضباط الثلاثة جان قهوجي، وليد سلمان ومحمد خير، سيكون «تكتل التغيير والاصلاح» أمام استحقاق ردّة الفعل.

لا يمكن له أن يبلع الموسى حتى لو أراد ذلك، ولم يترك له مخرج لائق يقيه شرّ الغضب والردّ القاسي على المنطق التمديدي. وعليه لا بدّ أن يقول كلمته.

أمام العونيين، مساران لا ثالث لهما:

تجميد عمل الحكومة بشكل واضح وصريح، بعدما كان الأخذ والرد يتركان منفذاً لامكانية تجنّب هذا الحائط والعودة الى المسار الطبيعي للأمور لإنقاذ الحكومة من فيروس الشلل. على أن يبقى هذا القرار تحت سقف الاستقالة، بمعنى أن الحكومة لن تفقد صلاحياتها، الا إذا أراد رئيسها تمام سلام أن يقلب الطاولة رأساً على عقب، ويمكن لها أن تستعيد نشاطها في لحظة، يجهل الكل توقيتها.

أما المسار الثاني فهو حتماً الشارع. لن يتخلى العونيون عن هذه الورقة وان كانت تتسم بالدقة المتناهية، وقد تكون بالنسبة لبعض البرتقاليين فرصة ذهبية لاستعراض العضلات وشدّ العصب عشية فتح صناديق الاقتراع لاختيار خلف لقائدهم.