IMLebanon

انتخابات العونيين: باسيل يهزم «الجنرال» و«النظام»!

لم تدم كثيراً فرحة العونيين بتحديد موعد للانتخابات الحزبية تضعهم على سكة المأسسة، وتخرجهم من الفوضى التي يعيّرهم بها «رفاق» الأحزاب الأخرى.. حتى غرقوا مجدداً في دوامة الاحباط مما ينتظرهم.

وبرغم مبدئية «الجنرال» ومحاولته اطلاق مؤسسة حزبية من خارج النادي السياسي التقليدي، وبرغم التعهدات التي قطعها أمام رفاقه، تبين مجددا أن ما قد كُتب… قد لا يكون كُتب، ذلك أن جبران باسيل أثبت أنه أقوى من «الجنرال» وأنه أقدر على زجه بالحسابات الضيقة، وبالتالي، أثبت أنه يمثل رقماً صعباً في «التيار» وأنه الأكثر نفوذاً بين رفاقه في «الحلقة الضيقة»، بدليل أن الانتخابات باتت معلقة ريثما يتمّ إيجاد صيغة تريح رأس «الجنرال».

عملياً ليست الانتخابات التي كانت مقررة في 24 أيار، هي موضع التجاذب أو الأخذ والرد، مع أنّ لنتائجها مفاعيل كثيرة ستحدد من خلالها موازين القوى داخل «التيار الوطني الحر»… «الجرح» هو في النظام الداخلي الذي كان «دينامو» انطلاقة هذه الورشة، والذي صار رسمياً بعد مهره بتوقيع وزارة الداخلية، باعتباره لا يزال مرفوضاً من بعض القوى النافذة في «التيار»، الأمر الذي يحول دون تحديد موعد جديد للاستحقاق، بعدما طار موعد نيسان.

حتى الآن، لم تخرج رسمياً لوائح الشطب التي يفترض على أساسها اجراء الانتخابات مع أنها جاهزة (فيها أكثر من 14 ألف منتسب)، ولم يفتح باب الترشيحات قبل شهرين من موعد الاستحقاق، أي في 24 آذار الماضي، كما قضى الاتفاق. ما يعني أنّ الموعد الرسمي، طار. واحتمال تطيير الانتخابات نهائياً، صار وارداً.

ولكن حتى التعميم الذي صدر بالأمس عن القيادة وتمّ توزيعه على الحزبيين، ليؤكد أنّ «التأجيل لا يعني الإلغاء»، داعياً المرشحين الى «خوض حملاتهم عبر برامج مجدية لا النميمة»، لم يشف الغليل، ولم يقدّم الدليل الحسيّ على أنّ ما يطمح العونيون اليه منذ أكثر من عشر سنوات، سيحصلون عليه، برغم الدينامية التفاؤلية التي أحدثتها خضّة النظام الداخلي والاتفاق على إجراء الانتخابات.

ومع أنّ القيادة تشجع جنودها على خوض معاركهم وفق برامج مفيدة، الّا أنها نأت بنفسها عن هذا الواجب، ولم تحاول حتى اخضاع العونيين لدورات تثقيفية حول أهمية هذه المحطة المفصلية في تاريخ «التيار» وعن مستقبله والدور الملقى على عاتقه (باستثناء الدورات التي خضع لها المرشحون لمركز المنسق). وحتى لم تجهد نفسها في تعبئة القاعدة باتجاه الانتخابات، وتُرك الأمر لمبادرات فردية قام بها بعض المرشحين لا كثر، فيما صارت مهمة بعض القياديين النافذين مركزيا هي محاولة ايجاد «تخريجات»، ولو بعنوان «مبادرات» من أجل تمرير ما يريده «الرجل الأقوى».. بعد ميشال عون.

ما يجزم به الناشطون، هو أنّ «عمادهم» مقتنع بضرورة الاحتكام لصناديق الاقتراع، وهذا أمر مفروغ منه، ولكنه يعمل على إجرائها بعد تخفيف الأضرار قدر الإمكان. وبالتالي لم يفقدوا الأمل جراء التأجيل. ولهذ لا تزال الحركة الانتخابية في الأقضية المرشحة لخوض معارك انتخابية (لمنصب منسق القضاء) قائمة، وإن خفّت وتيرتها بعدما تأكد للمرشحين أن موعد 24 أيار تجاوزه الزمن.

العقدة إذاً لا تزال في النظام الداخلي، وفي البند المتصل بالمكتب السياسي تحديداً، أي القيادة الجماعية. ثمة وجهتا نظر: واحدة، يمثلها جبران باسيل والثانية، يقودها نواب يحملون بطاقة «التيار» ونعيم عون وعدد من القياديين المؤسسين.

وتكمن العلّة في شقين: كيفية تكوين المكتب السياسي أي بالانتخاب أو التعيين. وصلاحيات هذه الهيئة، بمعنى أن يكون أعضاؤها ذات صلاحيات «تقريرية»، أم مجرد حضور استشاري لا يقدم أو يؤخر في آلية اتخاذ القرار في الحلقة القيادية.

وللإشارة فإن هذه المسألة الجوهرية كانت السبب الرئيس في تعطيل الورشة التنظيمية في التيار منذ العام 2006، ولا تزال حتى اللحظة عالقة وتحول دون رسم ملامح مرحلة ما بعد ميشال عون.

وحين أنجز النظام الداخلي، وفق «الصيغة التشاركية» التي تسمح للمكتب السياسي المنتخب أن يكون فاعلاً، ظنّ الكل أنّ القطار انطلق وصارت الكلمة للأرض التي ستحدد موازين القوى في تركيبة السلطة البرتقالية، انطلاقاً من الخريطة التي سيقدمها المجلس الوطني (وهنا سيكون لمعركة المنسقين تأثير في تركيبته) الذي سيتولى في ما بعد انتخاب أعضاء المكتب السياسي.

ويذهب البعض الى حد الكلام عن احتمال تأجيل الانتخابات الى أيلول المقبل، ربطاً بالذكرى العاشرة لوضع الشرعة، ولكي تكون الورشة «بكامل أناقتها»، على حد تعبيرهم.

طبعاً، لا يمكن لخيار الإلغاء أن يكون متاحاً أمام القيادة العونية، لأسباب مبدئية تتعلق بمدرسة التيار وبالشعارات التي كدسها منذ دخوله المعترك السياسي. فقد حارب التيار التمديد لمجلس النواب وهو اليوم بصدد مواجهة هذا المدّ كي لا يعمم على المؤسسات الأمنية، فكيف يمكن له أن يهرب من استحقاق الديموقراطية حين يتعلق الأمر بلحمه الحيّ؟

«إما أبيض الانتخابات وإما أسود إلغائها»، هذا هو لسان اعتراض يفترض أنّه لامس حافة الكوب.. وصار معرضاً لكي يطوف خارجه.