IMLebanon

العونيون»: ذاهبون إلى مشكل.. ولا مراعاة لأحد!

«رايحين على مشكل» يقولها العماد ميشال عون بصريح العبارة أمام من التقاهم مؤخرا. هكذا فإن «مشكل» التمديد للقيادات الامنية لن يكون شبيها إطلاقا بذاك الذي سبق التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان في تموز العام 2013 وقبلهما مدير المخابرات العميد أدمون فاضل، ثم التمديد لرئيس المجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير في شباط الماضي.

آنذاك هدّد ميشال عون بالطعن بقانون التمديد إذا أقرّ (كان الطرح آنذاك تمديد ثلاث سنوات للعمداء والعقداء فقط). لكن الخيار السياسي ابتعد عن ساحة النجمة ليحصر المسألة بتوقيع وزير الدفاع يومها فايز غصن على قرار إداري بالتمديد لفاضل وقهوجي وسلمان.

وحين فَعَلها وزير «تيار المردة» لوّح عون بتمرّد ما على القرار، لكن التمديد الاول مرّ بأقل الخسائر الممكنة، لا بل ان العاتبين على عون لرفضه التمديد لقائد الجيش صاروا يستحضرون «إنجازات» في مواجهة الارهاب لم يكن «قدّها»، برأيهم، إلا قهوجي. اليوم تبدو المعطيات مختلفة كثيرا. ميشال عون فعلا لن يسكت على «الغلط».

حتى لحظة التمديد لقائد الجيش في صيف 2013، لم يكن أحد قد فاتح رئيس أكبر تكتل مسيحي بموقفه وبمرشّحه لقيادة الجيش. قبل ذلك، كان قد تفاجأ بأن أول من قصّ شريط التمديد هو الرئيس سعد الحريري مباشرة إثر معركة عبرا. جنّ جنون عون الرافض لتبرير التمديد بمعركة رابحة للجيش، وإن أتت متأخرة، استأصلت أحمد الاسير و «حالته» من عبرا.

ضربةٌ موجعة كان سبقها ما هو أكثر إيلاما. التمديد لمجلس النواب، بتواطؤ الحلفاء والخصوم. وهذه المرة النائب وليد جنبلاط من سارع الى تبنّيه. وحين تقدّم نوابه بطعن أمام المجلس الدستوري، شهد عون «النقل المباشر» من بلدة الحدث لمشروع تطيير نصاب المجلس الدستوري بكبسة زر، ثم استمع الى «دراما» الرئيس نبيه بري مبرّرا غياب أعضاء المجلس الدستوري الثلاثة عن الجلسة بـ «درء الفتنة والتزاما بالقانون والدستور»!

لاحقا توالت الخسائر. تمديد ثان لمجلس النواب أكمل عنقود الولاية الممدّدة، بالتزامن مع خسارة محتملة للرهان الرئاسي. أما قانون الانتخاب ففي «خبر كان»، وعرقلة مشاريع «التيار الوطني الحر» في ملفات الغاز والكهرباء والمياه… موضة لا تموت!

بعض المحيطين بعون يعترفون «نعم الخسائر تتراكم، لكنها معارك وليست الحرب». وبمزحة تعلوها المرارة يقولون: «يكفي أن يقول ميشال عون أنه ضد اي تمديد حتى يحصل هذا التمديد. لذلك، يجب أن يفرح كل من يطاله هذا الكلام لأن التمديد سيكون نصيبه»!.

إذا لا تقدّم على اي محور اساسي. لكن وسط هذا الجمود، ومع قناعة عون بأن لبنان بات يشبه «الضيعة» وسط متحوّلات هائلة في المنطقة اخترقها الخيار العسكري في اليمن، وتفشّي بقعة زيت التوتر الشيعي السني، فإنه ماضٍ في معركة متجدّدة في رفض التمديد للقادة الامنيين.

على خط قانون رفع سن التقاعد للضباط كافة لا تطوّر يذكر باستثناء الجزم بأنه حين يتمّ الحديث عن تشريع الضرورة الذي قد يحكم جلسات التشريع لاحقا، فإن هذا القانون ليس مدرجا على لائحة الضرورات، خصوصا انه لا يزال لدى الامانة العامة لمجلس الوزراء، ولم يتحمّس أي فريق سياسي للتحدّث مع الرئيس تمام سلام لطرحه على جدول الاعمال.

الجميع على مواقفهم منه، مع إشارة خجولة من جانب بعض العونيين بأن قانونا يرفع سن التقاعد للضباط لسنتين، وليس ثلاث سنوات، يمكن ان يتمّ القبول به لانه «سيشرعن» ولاية السنتين الممدّدة لقائد الجيش ولرئيس الاركان، فيما سيتعيّن بعد انقضاء التمديد تعيين قائد جيش جديد بحلول 23 ايلول المقبل. وهو واقع سيسمح أيضا ببقاء قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز في السلك العسكري وتزكيته كأبرز المرشحين لتولّي قيادة الجيش، نظرا لكفاءته ولحمله مشروعا تطويريا لمؤسسة الجيش.

أما على خط التعيينات الامنية، وبعد ان بشّر قبل أشهر بالتمديد الحتمي إذا لم يتمّ انتخاب رئيس، فإن وزير الداخلية نهاد المشنوق كان صريحا حين أقرّ بأن التعيينات الامنية هي غير الادارية، قاصدا الحلحلة التي انسحبت على تعيين اعضاء لجنة المصارف وامين عام لمجلس الوزراء وأعضاء المنطقة الاقتصادية الخالصة في طرابلس ومدير عام مستشفى الرئيس رفيق الحريري.

هذا الفصل الواضح سيقود الى تجاوز الخامس من حزيران المقبل، تاريخ إحالة مدير عام قوى الامن الداخلي الى التقاعد، واللواء ابراهيم بصبوص لا يزال داخل مكتبه في المديرية بموجب قرار إداري موقّع من المشنوق بتأجيل تسريحه.

واقع سيشكّل إشارة سلبية جدا باتجاه رافضي التمديد. وبعكس قيادة الجيش التي يرى عون ان له كلمة الفصل فيها، لناحية اسم المرشح وفرض التعيين، فإن رئيس «التكتل» يتصرّف على اساس ان 5 حزيران هو موعد دخول لواء جديد الى مكتب المدير، من دون الدخول في لعبة الاسماء بما أن الموقع سنّي، ويعود للرئيس سلام بالتنسيق مع الرئيس الحريري التوافق حوله.

وفيما عكست لهجة البيان الاخير الصادر عن اجتماع «التكتل» في الرابية نية في التصعيد التدريجي، خصوصا ان عون اعتبر ان سحب مخالفة التمديد في السلك العسكري على السلك الامني «يعزلنا بالمطلق ويسيّر مصالح سوانا» واصفا الامر بأنه «وجودي» بالنسبة لفريقه السياسي، فإن المقربين من عون يجزمون «طفح الكيل. الجنرال سيحارب بكل الوسائل منطق العزل الذي يفرض عليه».

لكن عمليا، هؤلاء أنفسهم يؤكّدون ان القرار النهائي بأسلوب المواجهة، في حال استأنف قطار التمديد سيره، لم يتّخذ بعد، وبأن «ردّة فعلنا ستكون محكومة بفعل الآخرين، خصوصا ان احدا لم يدقّ باب الرابية بعد للحديث بالموضوع بشكل مسؤول، كما أننا نرفض التفاوض أصلا على مسألة واضحة. طبّقوا القانون فقط!». في هذا السياق، لا تَرَدُّد غطاس خوري الى الرابية ولا اجتماعات جبران باسيل ونادر الحريري حرّكا حتى اللحظة حرفا في التمديد «المكتوب»!

بيان «التكتل» وُصِف بـ «البيان رقم واحد» نظرا لما تضمّنه من نَفَس تهديدي بدا أنه يطال الجميع، حلفاء وخصوما، من دون استثناء. في الرابية الكلام واضح «حكومة لا تريد ان تعيّن في مواقع أساسية، هذا يعني انها لا تريد ان تشتغل.. فما نفعها!». ماذا عن الاستقالة وإحراج الحلفاء؟ الجواب: «لا قرار بعد. لكن هذه معركة لا مكان فيها لمراعاة الآخرين!».