ما قبل قرار فصل القيادي في التيار الوطني الحر زياد عبس، وحلّ هيئة دائرة بيروت الأولى ليس كما بعده. الانتخابات الحزبية التي كان من المفترض أن تكون منافسة بين عبس ونائب رئيس الحزب الوزير نقولا صحناوي، باتت مسرحاً لمواجهة بين الأخير وبين حالة معترضة على قرار القيادة في بيروت
المعركة الفعلية في دائرة بيروت الأولى بدأت منذ نحو 10 أيام غداة تجميد عضوية القيادي في التيار الوطني الحر زياد عبس ومنسق هيئة الدائرة جورج تشاجيان لمدة 4 أشهر، أعقبها حلّ قيادة الحزب للهيئة بشكل كامل.
قبل أسبوع من انتخابات التيار الوطني الحر الممهدة لاختيار المرشحين العونيين إلى الانتخابات النيابية، اختار عبس والهيئة المنحلة ومؤيدوها أن يكون ردّهم على ما سبق في صندوق الانتخاب. المنافسة بالمعنى الحقيقي للكلمة غائبة، إذ رفضت لجنة قبول الترشيحات طلب عبس الترشح «نظراً إلى مخالفته القرارات الحزبية»، وبالتالي لا سباق على إثبات الأحجام بين عبس ونائب رئيس التيار الوزير السابق نقولا صحناوي. غير أن مرشحين كاثوليكيين برزا أخيراً إلى جانب الوزير، هما المهندسان غسان زاخر وشارل فاخوري. الأول كان مسؤول ماكينة التيار في بيروت، والثاني نائب منسق الهيئة المنحلة. الاثنان سيتنافسان وصحناوي على المقعد الكاثوليكي، أما الحرب الفعلية فستكون بين صحناوي والصوت الاعتراضي. التحضيرات اليوم تتمحور حول إبراز الحالة الاعتراضية التي تشكلت وتوسعت مع تغييب رأي الهيئة من خلال عدم أخذ القيادة بوجهة نظرها في الانتخابات البلدية الأخيرة، ثم حلّها وفصل أحد «رعاتها»، زياد عبس. لذلك، على ما تقول المصادر، سيعتمد المعترضون خياراً من اثين: إما التصويت لواحد من المرشحين الكاثوليكيين المنافسين لصحناوي، أو وضع اسم عبس في الصندوق كما لو كان مرشحاً فعلياً. وفي الحالتين، «الرسالة ستكون مدوية لأن الأصوات ستمثل قرار الحزبيين الرافض للطعن بشرعية خيارهم والرافض لتغييب أشخاص ضحوا من أجل التيار فجرى محوهم بشحطة قلم». ما سبق ليس تمرداً، كما يقولون، بل هو «حق بتقرير مصير دائرتنا وتطبيق للديمقراطية وحرية الرأي المقدسة عند رئيسنا، الجنرال ميشال عون».
المعترضون سيصوتون لواحد من المرشحين الكاثوليكيين أو لعبس!
على المقلب الآخر، يشير المقربون من صحناوي إلى أنه لم يكن يريد الترشح، بسبب ردّة فعل الحزبيين السلبية على الإجراءات المتخذة بحق الهيئة وعبس، والتي توجه أصابع الاتهام إليه شخصياً لأنه كان المكلف التفاوض في الشأن البلدي في بيروت. وبالتالي من شأن هذا الجو أن يخلق إحراجاً له ربما في صناديق الاقتراع، خصوصاً بعد أن تبادر إلى مسامعه حديث عن طموح المعترضين برفع حجم الفارق عن انتخابات الهيئة التي جرت منذ 6 أشهر وخسرت لائحة صحناوي يومها بفارق نحو 30 صوتاً، وذلك من أجل تأكيد رغبة عونيي بيروت مرة أخرى. من جهة أخرى، تلقى حزبيو بيروت اتصالات في اليومين الماضيين توصيهم بمشاهدة حلقة متلفزة لرئيس التيار اليوم، حيث سيعطي فيها التعليمات الحزبية لكيفية الاقتراع نهار الأحد المقبل.
في الأشرفية أيضاً، مرشح رابع هو مسؤول العلاقات الدبلوماسية في التيار ميشال دو شدرفيان عن مقعد الأرمن الكاثوليك. لكن حتى الساعة لم يسجّل أي نشاط لدو شدرفيان، علماً أن نظام الانتخاب (الصوت الفردي ــone man one vote) يعوق تشكيل لوائح وتحالفات، ويظهر قوة المرشح الفعلية عبر تحديد عدد الأصوات التي تؤيده.
تجري الانتخابات فيما يلف الغموض شكل التحالفات السياسية في بيروت وكيفية توزيع المقاعد على الأحزاب. لا الرابية ولا معراب ولا غيرهما يملك جواباً جدّياً على جملة من الأسئلة: هل يكون المقعد الكاثوليكي من حصة التيار أم الأرثوذكسي أم الماروني أم الأرمن الكاثوليك؟ ماذا عن تأكيد الدائرة المحيطة بالنائب ميشال فرعون أن المقعد الكاثوليكي محجوز له على لائحة تحالف القوات ــ التيار في أي انتخابات مقبلة؟ ذلك وسط حديث القوات عن عدم تبنيها للنائب نديم الجميّل بعد اليوم، إلا إذا كان هناك تحالف كامل وشامل مع الكتائب، أو إذا أعلن الجميّل قواتيته. المقعد الوحيد المحسوم بين أركان التحالف الجديد هو مقعد الأرمن الأرثوذكس، لمصلحة حزب الطاشناق. أما الفاصل الأهم في هذا التوزيع، فيتعلق بمصير عبس: إن بقي داخل الإطار البرتقالي، يصعب تخطيه حزبياً وشعبياً. وإن فُصِل فالخيارات مفتوحة وستؤثر حكماً في نتائج أي مرشح آخر من التيار. وانتخابات بلدية بيروت أبرز دليل.