يمرّ يوم 7 آب من هذا العام بالهدوء نفسه كما كل الأعوام في وقت ظنّ العونيون فيه أن الأحداث السياسية المتسارعة كافية لجعله صاخباً وصورة مماثلة لذكرى 7 آب الأصلية عام 2001. الا أن ذلك لم يحصل اثر تمهل الرابية حتى يوم السبت لاتخاذ قراراتها، فيما يرى البعض أن «المكاسب لا تنتزع سلميا… 7 أيّار هو الحلّ»
حتى ليل أمس، كان العونيون يترقبون بحماسة اتصالاً من رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون يدعوهم فيه لافتراش الشارع في ذكرى 7 آب صوناً لكرامتهم، وحتى تكون المناسبة اثنتين: اعادة احياء أهم تظاهرة في تاريخ التيار الوطني الحر، وفي الوقت نفسه «تسجيل أكبر اعتراض شعبي ضد قرارات الحكومة الأخيرة، بما فيها قرار وزير الدفاع سمير مقبل بالتمديد، في الظلام، لقائد الجيش بطريقة غير شرعية».
غير أنهم لم يتبلغوا سوى دعوة للاجتماع اليوم في الرابية لمناقشة آخر التطورات والاتفاق على خريطة طريق للأيام المقبلة، سيحضرها المنسقون وبعض مسؤولي الضيع، فيما، سيجتمع التكتل استثنائيا غداً للسبب نفسه، ما يعني، وفقا لمصادر الرابية، أن «شيئا لن يحصل قبل هذا التاريخ».
يتخوف العونيون اليوم من ابرة مورفين عنوانها هذه المرة «التمديد لشامل روكز»، أو أن تكون الرابية في صدد توقيع اتفاق ــــ صفقة لا يعرفون بها الا في وقت متأخر. فمفاعيل اتفاق الدوحة ما زالت تلقي بثقلها على كل الحياة السياسية، تقول مصادر التيار، كما كل ما سبقها من «ديلات» تحت الطاولة انعكست سلبا على الرابية وجمهورها.
يتخوف العونيون اليوم من ابرة مورفين عنوانها هذه المرة «التمديد لشامل روكز»
لذلك، يقرأ العونيون بحذر كل تسريبات الصحف والمواقع الالكترونية حول الطُعم الذي رماه مقبل خلال زيارته الأخيرة الى عون برفع سن التقاعد للضباط مقابل السكوت على التمديد لقهوجي. وتعزز الأحداث المتتالية قصة هذا «الديل» لديهم، اذ كان متوقعاً أن «يبادر التيار الى مقابلة كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري القاسي والرافض لانتخاب عون بخطاب مرتفع مماثل، الا أنهم فوجئوا عوضا عن ذلك بغزل الوزير السابق سليم جريصاتي». وكان من المفترض أقله أن يقاطع نواب التيار لقاء الاربعاء في عين التينة نتيجة «اهانتهم واهانة قائدهم»، الا أن المفاجأة الثانية تمثلت بحضورهم اللقاء وتصريح أكثر من ودّي للنائب نبيل نقولا. وحده النائب ابراهيم كنعان ردّ بالتفصيل الموثق على اتهامات وزير المال علي حسن خليل. القلق والارتباك يتحكمان في كل نائب وملتزم ومناصر عوني بعد انقلاب الأدوار على نحو دراماتيكي ضد التيار الوطني الحر، وتحوّله بسرعة هائلة من رابح الى خاسر لكل أوراقه. فبعدما كان بري الحلقة الأضعف ويفاوض الرابية ليلا نهارا لتوافق على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، باتت الرابية في موقف لا تحسد عليه جراء التمديد لقهوجي: «نحن اليوم من هم بحاجة ماسة لاسترضاء بري حتى يعيد تفعيل مجلس النواب اثر انسداد الأفق والحلول أمامنا، اذ وحده اصدار قانون لرفع سن تقاعد الضباط يضمن مستقبل شامل روكز عسكريا ويبقي على فرصة وصوله الى قيادة الجيش مستقبلا».
من جهة أخرى، لا يبدو البعض مناصرا لفكرة «الشارع»، وخصوصا أن القرار صدر ويصعب الطعن فيه، تماماً كما مرّ التمديد في عهد الوزير السابق فايز غصن: «هو انتصار حكومي ولرئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان حيث تواطأ الكل من تيار المستقبل والحزب الاشتراكي وحركة أمل والكتائب ضمنا لتمريره على السكت بعد خداع الجنرال ووزرائنا». والانتصار لا يخفف مفاعيله تصعيد شعبي، على ما يقوله العونيون، بل ذكاء سياسي في التعاطي مستقبلا مع كل الأمور أكان حكوميا او في مجلس النواب. ويضيف أحد النواب أن «الاتصالات لم تتوقف منذ أول من أمس، وتجري على عدة أصعدة بدءا بحزب الله وصولا الى حركة أمل والمستقبل»، غير أنه ينفي من جهة ثانية «الحديث عن اتفاق أو صفقة من أي نوع، بما فيها التوافق على رفع سن التقاعد: حتى الساعة لا قرار أو اتفاق، الا عوني داخلي، حول التصعيد سياسيا وشعبيا حتى استرداد حقوقنا بالقوة». أما زيارة كنعان الى معراب أمس، فقد تطرقت، وفق موقع التيار، الى الوضعين الحكومي والنيابي والعلاقة بين الحزبين، فيما تقول مصادر مطلعة إن كنعان لم يناقش وجعجع مسألة التصعيد أو مشاركة القوات فيه، وإن حديثهما تمحور حول «سوكلين» أكثر من أي موضوع آخر. علما أن وزير العدل أشرف ريفي كان قد استبق زيارة كنعان بانتقاد قوي لعون وحزب الله من معراب، مشيرا الى تشاركه وجعجع في الأفكار التي صرّح عنها. لا همّ، يقول أحد نواب تكتل التغيير والاصلاح، «كل التصريحات والانتقادات كما التحركات الشعبية لا تطعم خبزا ولا تحيي ميتا الا اذا كان القصد منها اسقاط شرعية وزير الدفاع ودفعه باتجاه الاستقالة بعد ملف الفساد المبكّل عليه». في ما عدا ذلك، «لا يمكن تاريخيا انتزاع الحقوق والمكاسب بحراك سلمي وبضع لافتات. المطلوب اليوم 7 أيار عوني، فوحدها انتفاضة مماثلة كفيلة بقلب الموازين رأسا على عقب، ولكن السؤال الأبرز: هل لدينا القدرة على انجازه؟».