IMLebanon

العونيون بانتظار «دوزنة» ميزان الربح والخسارة

لم يفاجأ عونيون كثر بخبر «الوكالة الوطنية» الذي أفاد عن توقيع وزير الدفاع سمير مقبل قرار تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي واللواءين محمد خير ووليد سلمان. خطوة كانت متوقعة وبدت متناغمة مع سياق الأحداث التي سبقتها. وقد ظهرت أولى بشائرها حين قرر وزير الداخلية نهاد المشنوق سلوك أكثر «الدروب قساوة» بتوقيعه قرار التمديد للواء ابراهيم بصبوص لمدة سنتين.

يومها التقط البعض تلك الإشارة السلبية ليبني على الشيء مقتضاه: لو كان «الفريق الأزرق» بوارد ترطيب الأجواء مع الجنرال ميشال عون، وترك نافذة اختراق لأزمة التعيينات العسكرية والأمنية، لكان المشنوق تصرّف باستفزازية أقل.

في تلك اللحظة، هناك من اقترح على وزير الداخلية التخفيف من حدّة «البركان البرتقالي»، عبر التمديد لمدير عام قوى الأمني الداخلي لأسابيع قليلة، إذا كان هناك صعوبة في احالة الموقع الى الضابط الأقدم في السلك، وتأجيل الكأس المر بعض الوقت، علّ التطورات تأتي بالدواء.

كل ذلك على أمل ترك خطّ للرجعة أو لاحتمال صياغة تفاهم يأتي بالعميد شامل روكز قائداً للجيش، كما يطالب رئيس «تكل التغيير والإصلاح».. والحؤول دون الانفجار الكبير الذي لن يعفي الحكومة من شظاياه.

لكن رجل الداخلية تصرف وكأنّه يقطع الطريق على أي سيناريو تفاؤلي من شأنه أن يترك الباب مفتوحاً مع الرابية. ولهذا أصرّ على «رزمة السنتين»، وكأنه يقول إنّ التمديد قدر محتوم لا يمكن الهروب من أحكامه.. في قيادة قوى الأمن الداخلي أولاً، وفي قيادة الجيش ثانياً.

هكذا، تضاءلت فرصة التسوية، وصارت المؤشرات أكثر وضوحاً، حين قال الرئيس فؤاد السنيورة بالحرف الواحد إنّ قيادة الجيش لن تقدم على طبق مجاني، لا بل ثمنها غال، لا يقل عن رئاسة الجمهورية.

أما المشككين بمكانة رجل «السادات تاور» وموقفه من هذه الأزمة، فقُطع شكهم باليقين حين راح فريق سعد الحريري يلعب على وتر المفردات اللغوية والإشارات الجسدية، ليسحب يده من أي التزام اعتقد ميشال عون في يوم من الأيام أنه سحبه من لسانه.

كل تصرفات «الزرق» كانت تنمّ عن رغبة جليّة لا التباس حولها بحمل العونيين الى حائط مسدود، وبضرب مصداقيتهم أمام جمهورهم. كانوا أكثر من واضحين في السعي الى تعرية ميشال عون أمام ناسه، وأخذه الى البحرّ لرده عطشاناً.

هناك من يعتقد أنّ كل هذا المسار كان مخططاً له بعناية من جانب «الفريق المستقبلي»، ويعرف جيداً عواقبه وخواتيمه، كما فوائده. عملياً سيصير من الصعوبة أن يبقى ميشال عون، بعد هذه الهزيمة، مرشحاً قوياً لرئاسة الجمهورية وسيصعب عليه أن يفرض شروطه في اللعبة الرئاسية بعد هذه الانتكاسة التي شارك بها بعض الأقربين قبل الأبعدين. ولهذا كان خصومه يسعون لرسم هذا السيناريو.

ولكن بالنتيجة، الهزيمة وقعت، ليس لأنّ رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» عجز عن تحقيق مطلبه، بل لأنّه حوّل المسألة الى قضية كبرى ترتبط بحقوق المسيحيين وبدور وبمكانة «التيار الوطني الحر» الذي استنفرت كل قواعده وتمّت تعبئتها في سبيل هدف.. ضاع.

طوال الفترة الماضية حرص ميشال عون على ضخّ الحماسة في صفوف أبنائه، من خلال الاستدعاءات الأسبوعية الى دارته، في رسالة واضحة لمن يهمه الأمر أنّ «التيار» لن يقف ساكتاً على مشروع ضرب التعيينات العسكرية، وسيكون له كلمته حين يحين وقتها.

هكذا ترك تحديد «ساعة الصفر» لحين صدور «البيان رقم واحد» الذي يبقي قهوجي قائداً للجيش، ربطاً بأي تطور مفاجئ يمكنه أن يقلب المشهد رأساً على عقب ويخرج العونيين منتصرين من معركتهم.

اعتقد الجنرال أنّ هامش الوقت المتاح أمامه، سيساعده على استخدام كل أوراق القوة الموجودة، وأنّه سيبرع في لعبة الضغط التصاعدي التي ستدفع الآخرين الى إعادة حساباتهم ورفع رايات الاستسلام أمام الاجتياح العوني للمنابر.

حتى ظهر أمس، لم يكن النواب العونيون في أجواء أي تحرك قد تلجأ إليه الرابية على الأرض. لا بل على العكس، فقد كان اجتماع «التكتل» الأخير أكثر من هادئ ولم يبد أنّ الجنرال في وارد العودة الى الشارع للتعبير عن رفضه.. إلى حين تمّ استدعاء أعضاء «التكتل» الى اجتماع سيعقد يوم السبت المقبل لتدارس الأفكار الممكنة للاعتراض.

في هذه الأثناء، بدأت الاجتماعات الداخلية في «التيار الوطني الحر» لاستطلاع أجواء الأرض ومدى امكانية التجاوب مع حالات التصعيد وما يمكن لهذا الحراك أن يؤثر، وما هي مخارج إقفاله.. وذلك بعد أن يكون الجنرال قد دوزن ميزان الربح والخسارة في أي خطوة قد يقدم عليها.

هيل من طرابلس: مهتمّون بلبنان

جال السفير الأميركي في لبنان دايفيد هيل على عدد من القيادات الطرابلسية، أمس، فالتقى كلاً من: الرئيس نجيب ميقاتي بحضور النائب أحمد كرامي والوزير السابق نقولا نحاس، ثمّ وزير العدل اشرف ريفي، ومفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار. وقد جرى عرض الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.

ونقل الشعار عن هيل قوله إن «بلاده مهتمة كل الاهتمام بموضوع لبنان حتى يبقى في منأى عما يحدث حوله من صراعات في الأقطار العربية وغيرها».