غياب كتلة عون عن جلسة التمديد أضعف قرار المشاركة المسيحية بالإستحقاقات المهمّة
سابقة قد تشجّع على تجاوز عون في إستحقاقات مماثلة إذا توافقت الأطراف نفسها فيما بينها
لم تعد تنفع محاولات «التيار العوني» كوادر ونواباً التهجّم على خصومهم السياسيّين وتحديداً المسيحيّين وتحميلهم مسؤولية تعطيل النظام الديمقراطي…
ما يزال زعيم التيار العوني النائب ميشال عون يُمعن في إضعاف قرار المشاركة المسيحية بالاستحقاقات والمسائل المصيرية المهمة، بدلاً من أن يبذل كل ما في وسعه لتقوية هذه المشاركة بمعزل عما إذا كانت تصب لمصلحة تياره أو لا وإنما يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مصلحة المسيحيين ككل ودورهم وتأثيرهم الفاعل في التركيبة السياسية والسلطوية في المستقبل.
فبعد أن عطّل انتخابات رئاسة الجمهورية وترك كرسي الرئاسة المسيحي شاغراً، مستقوياً بدعم حليفه «حزب الله»، حاول هذه المرة تعميم الفراغ بمنصب الرئاسة الأولى على باقي المؤسسات الدستورية إذا لم تجرِ الرياح لصالح وصوله الى منصب الرئاسة الأولى، فقاطع جلسة التمديد للمجلس تحت شعارات زائفة، ولكن التمديد للمجلس النيابي حصل بدون مشاركته ومشاركة كتلته، وكأن المشاركين بجلسة التمديد وفي مقدمتهم «حزب الله» أرادوا إرسال إشارات واضحة إليه تؤكد بأن مشاركة كتلته أو عدم مشاركتها في مثل هذه المسائل لم يعد لها أهمية ويمكن تجاوزها بمسائل وقضايا مماثلة مستقبلاً إذا تفاهمت مكونات الكتل والأطراف السياسية التي شاركت بعملية التمديد للمجلس النيابي.
فلو كان «التيار العوني» على دراية بمصالح المسيحيين ودورهم وحرصه على تقوية هذا الدور، لكان استدرك معنى وأبعاد حدوث تفاهم ضمني على مسألة التمديد للمجلس النيابي من قبل القوى السياسية بما تمثل في الداخل والخارج على حدّ سواء، ولما سقط في خطأ اصراره على مقاطعة جلسة التمديد وخسر الرهان على تعطيل الجلسة، ولكانت مشاركته بمعزل عن تأييده التمديد أو رفضه له عامل قوة يحسب لها حساب في اي استحقاقات مقبلة.
وازاء ما حصل، لم تعد تنفع محاولات «التيار العوني» كوادر ونواباً التهجم على خصومهم السياسيين وتحديداً المسيحيين منهم وتحميلهم مسؤولية تعطيل النظام الديمقراطي وما شابه من تعابير، واتهامهم بخرق وحدة الصف المسيحي وصب جام غضبهم على مشاركة كتلة «القوات اللبنانية» بالتصويت لصالح التمديد للمجلس وما هنالك من تهجمات حاقدة ودون مستوى التخاطب السياسي، في تبرير فشل «التيار العوني» في خياراته وممارساته السلبية واللامنطقية، لأنه كان الأجدى للنائب عون وتياره مكاشفة حليفه «حزب الله» قبل حدوث التصويت لثنيه عن قرار تأييد التمديد للمجلس انطلاقاً من ثبات ومتانة التحالف القائم بينهما وبإمكان كل طرف مراعاة الطرف الآخر في مثل هذه المسائل إذا كانت الخيارات والمصالح متقاربة بينهما وتصب في إطار المصالح والاهداف المشتركة بينهما.
ولكن ظهر بوضوح أن مصالح الحزب في تعطيل انتخابات الرئاسة هي غير مصالح النائب عون للضغط على الجميع من خلال الامعان بالفراغ لايصاله إلى منصب الرئاسة الأولى برغم تسمية الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله له كمرشح للحزب وحلفائه، لأن هذه التسمية بشكل مباشر وعلى هذا النحو، أسقطت كل الاغطية المموهة التي حاول عون التستر بها تحت تسميات المرشح «الوفاقي» و«الحواري» وما شابه وأصبح حالياً مرشّح المحور الاسدي الإيراني بلا منازع، وهذا يعني أن أي تفاهم محلي أو إقليمي على مسألة الانتخابات الرئاسية وهذا أمر مرجح، ستخرج عون نهائياً من حلبة التنافس الرئاسي وسيكون حل مسألة الرئاسة على حسابه أيضاً، كما حصل التمديد للمجلس النيابي.
لذلك، كان على «التيار العوني» وزعيمه انتقاد حليفه «حزب الله» أو حتى حليفه النائب سليمان فرنجية الذي لم ينصاع لرغبته بالمقاطعة وصوت إلى جانب التمديد، ولكن يلاحظ بوضوح تجنّب أي قيادي أو وزير أو نائب عوني التوجه لانتقاد الحزب على تصرفاته أو معاتبته أو توجيه اللوم له، لا من قريب أو بعيد، لأن «التيار العوني» لم يترك هامشاً محدوداً في تحالفه مع الحزب، يمكن من خلاله توجيه الانتقادات وتصويب الخطى وتظهير الخلافات، وإنما إندمج كلياً في التحالف إلى غير رجعة وأصبح يروّج لسياسة الحزب عن خطأ أو صواب ويبرر كل خطاياه وارتكاباته الترهيبية وقطع معظم قنوات علاقاته مع خصومه السياسيين، ولذلك يفضل الهروب إلى الامام بانتقاد خصمه التاريخي حزب «القوات اللبنانية».
ولكن إسلوب «التيار العوني» بمهاجمة وانتقاد «القوات اللبنانية» بدلاً من التوجه لانتقاد حلفائه وتحديداً «حزب الله» لموافقته على التمديد للمجلس النيابي لا تقدّم ولا تؤخّر، لأن توجه كتلة القوات للتصويت إلى جانب التمديد للمجلس استند إلى قراءة متأنية للمعطيات المحلية والإقليمية في هذا الخصوص وأخذ بعين الاعتبار مصالح المسيحيين برغم الاعتراضات القائمة على هذه المسألة وإصراره على اجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية.
فتأييد «القوات اللبنانية» للتمديد للمجلس أعطى مشاركة المسيحيين في مثل هذه الاستحقاقات عامل قوة وحضور لا بدّ وأن تحسب لها خلافاً لاصرار «التيار العوني» على إضعاف المشاركة المسيحية في مثل هذه المسائل إذا لم تصب في صالحه وصالح زعيمه شخصياً.