Site icon IMLebanon

دعوة عون للتظاهر تشقّ الصف المسيحي وتؤثّر على تقاربه “الطازج” مع جعجع

يمكن القول إن ايران عرفت كيف تحيك بمهارة سجادة التعطيل في لبنان وتستثمر خوف قوى 14 آذار على الوحدة الوطنية والسلم الاهلي لتفرض حكومات يكون لحلفائها فيها الثلث المعطل واللجوء الى الشارع كلما حاولت هذه القوى التمرد أو التصدي لمخطط التعطيل. وعرفت كيف تستثمر التوق الشديد للعماد ميشال عون الى الرئاسة الاولى، واستعداده للتضحية بكل شيء في سبيل الوصول الى قصر بعبدا، وان تمسك بأوراق الضغط والمساومة عسكرياً وسياسياً في سوريا والعراق واليمن لتصبح المفاوض القوي في محادثات الملف النووي وتمتلك قرار الحل في هذه الدول أو استمرار الحروب فيها.

وقد بدأ تنفيذ مخطط التعطيل بحضور النواب حلفاء ايران جلسة الاختبار الاولى لانتخاب الرئيس لمعرفة عدد الاصوات التي سينالها مرشح 14 آذار الدكتور سمير جعجع، واكتفى مؤيدو العماد عون بالقاء أوراق بيض في صندوق الاقتراع من دون اعلانه مرشحاً رسمياً بل مرشحاً شفهياً… وعندما تكرر تعطيل جلسات انتخاب رئيس للجمهورية ارتأت ايران تسهيل تشكيل حكومة تتولى صلاحيات الرئيس بالوكالة لتظل قادرة على تعطيل عملها ساعة تشاء. ولكي لا يتحمل “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” وحدهما مسؤولية استمرار تعطيل انتخابات الرئيس من دون مبرر امام الرأي العام، عمدت الى ابتداع اسباب لذلك مثل الدعوة حيناً الى اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية بحجة ان مجلس النواب الحالي فقد شرعيته بالتمديد له مرتين حتى الآن، وحيناً آخر بحصر الترشح للرئاسة بالاقطاب الموارنة الاربعة الاقوياء، من دون ان يتفقوا على اختيار مرشح واحد منهم ولا التزام الاتفاق على حضور الجلسات لتأمين نصابها ولانتخاب الاكثرية النيابية المطلوبة مرشحاً منهم أو أي مرشح آخر للخروج من استمرار ازمة الشغور الرئاسي الذي يترك الابواب مفتوحة للفراغ الشامل. ولاضاعة مزيد من الوقت الى ان تصبح ايران في وضع القادر على قول كلمتها في الانتخابات الرئاسية في لبنان، عمد العماد عون بالاتفاق مع “حزب الله” على طرح فكرة انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب لأن المجلس النيابي الحالي الممدد له لم يعد يمثل ارادته تمثيلا صحيحاً. وعندما رُفضت هذه الفكرة لكونها مخالفة للدستور، وعون يعلم ذلك لكنه يريد ممارسة لعبة التأجيل وتقطيع الوقت اللازم الذي تحتاج اليه ايران لتقول كلمتها، طلع بفكرة جديدة هي اجراء استفتاء شعبي حول من تريد الاكثرية رئيساً للبنان وهي فكرة لا ينص عليها الدستور وليس لأي حزب ان يدعو اليها انما الدولة فقط، طلع عون بفكرة اجراء “استطلاع رأي” مع علمه وعلم الجميع ان لا التزام بنتائجه خصوصاً ان نتائج الاستطلاع في أي دولة لا تعطي احياناً الصورة الصحيحة لرأي الشعب لا سيما في موضوع الانتخابات التي يغير فيها الناخب رأيه بين وقت وآخر.

وهكذا نجحت إيران في ابتداع “الأفكار” التي تبرر استمرار الشغور الرئاسي الى اجل غير معروف إلا منها… فارتدت الى حكومة “التسوية” كما سمّاها “حزب الله” لتجعل كل موضوع يطرح على مجلس الوزراء لا تتم الموافقة عليه الا بتسوية وليس بما تقتضيه “المصلحة الوطنية” التي حرص الرئيس تمام سلام على ان تكون حكومته في خدمة هذه المصلحة وليس في خدمة اي مصلحة خاصة او مصلحة اي خارج.

ومع اقتراب مفاوضات الملف النووي من نهايتها وجدت ايران نفسها في موقع قوي لأنها تمسك بأوراق سلبية وايجابية في العراق وسوريا واليمن ولبنان لتستخدم ما ترى منها وفق مسار هذه المفاوضات، فإما انفجار مستمر في المنطقة، وإما انفراج دائم وسلام ثابت.

وإذا كانت الحروب هي التي تمزّق عدداً من دول المنطقة، فإن تعطيل المؤسسات في لبنان يمزقه ايضاً بجعل ابواب الفراغ مفتوحة فيه على كل الاحتمالات. ومن أجل تعطيل عمل الحكومة جعلت ايران العماد عون يقدم التعيينات العسكرية على الانتخابات الرئاسية الى حد التهديد بتفجير الوضع المطلوب دولياً واقليمياً ان يبقى مستقراً، وان يدعو للنزول الى الشارع ليس من اجل انتخاب رئيس للجمهورية تحل كل المشكلات بانتخابه، انما من اجل تعيين قائد جديد للجيش حتى قبل انتهاء مدة القائد الحالي، وهي دعوة قد تشق الصف المسيحي المطالب بانتخاب رئيس اولاً، وتؤثر على التقارب الطازح بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”.

لكن تهديد عون بالانفجار يبقى قنبلة دخانية او صوتية اذا لم يشارك فيه “حزب الله” بالفعل لا بالقول.