الشغور الرئاسي مرشّح لأن يطوي عامه الأول مما يفرض على الجميع تحمّل مسؤولياتهم
حملة عون على مقبل ترفع منسوب القلق على الحكومة وتزيد من مخاطر تفككه
في الوقت الذي يعمل رئيس الحكومة تمام سلام على تدوير الزوايا حرصاً على ديمومة عمل حكومته، من خلال التواصل مع القوى السياسية، سعياً لتعديل أو تغيير آلية عمل الحكومة، جاء تصعيد النائب ميشال عون رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، على خلفية الموقف من نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، بعد قرار الأخير التمديد للأمن العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد خير في منصبه، ليزيد من الضغوطات التي تواجهها الحكومة ويفاقم من حجم التعقيدات التي تعترض عملها، ما يؤشر على أن الأمور بلغت مرحلة شديدة الخطورة على الوضع الحكومي برمته الذي ينوء تحت وطأة أعباء ثقيلة، لن يكون بمقدور الرئيس سلام مواجهتها، إذا استمرت الخلافات الوزارية ولم ينجح تالياً في الحصول على موافقة الأطراف السياسية في اعتماد آلية جديدة لعمل الحكومة، سيما وأنه مصر على السير بمسعاه تحت طائلة عدم الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء.
وتؤكد لـ «اللواء» في هذا الخصوص مصادر وزارية أن حملة عون الجديدة سياسية أولاً وأخيراً وتثير الكثير من علامات الاستفهام، خاصة وأنه يعلم أن ما قام به الوزير مقبل يدخل ضمن صلاحياته، وبالتالي لا مبرر لكل هذه الضجة التي افتعلها النائب عون الذي أراد ممارسة الضغوطات على الحكومة ورئيسها لإرغام الوزير مقبل العودة عن قراره، وهذا ما لم يحصل، إلا إذا كانت نية رئيس «التيار الوطني الحر» الدفع باتجاه اختلاق أزمة وزارية جديدة، تضاف إلى سلسلة الأزمات التي تعترض طريق الحكومة، لشلها وجعلها عاجزة عن القيام بدورها وإدخال البلد في النفق.
وسألت المصادر عون عن سبب اعتراضه اليوم على التمديد في المؤسسة العسكرية, في حين لم ينبس ببنت شفة حينما مدد الوزير فايز غصن لقائد الجيش العماد جان قهوجي في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وهو من فريقه الوزاري الذي ضم آنذاك عشرة وزراء ودعته إلى عدم الكيل بمكيالين.
وتشير المصادر إلى أن تحرك الرئيس سلام باتجاه التوافق على صيغة عمل جديدة لمجلس الوزراء، جاء بعدما أدرك الرجل أنه بات مستحيلاً أن يستمر العمل الحكومي على هذا النحو من التباطؤ وعدم الإنتاجية، بحيث أن الحكومة تحوّلت، إذا صح التعبير، عبئاً على اللبنانيين الذين ينتظرون منها الكثير، خاصة في ظل الشغور الرئاسي المرشح لأن يطوي عامه الأول إذا بقي الوضع الإقليمي على حاله، وهذا ما يفرض على الجميع تحمل مسؤولياتهم ومساعدة رئيس الحكومة لاجتراح الحل المنشود وبما يعيد الحيوية إلى الحكومة لتقوم بممارسة دورها بقوة وفاعلية، بعيداً من سلاح «الفيتوات» المتبادلة التي أرهقتها وأجهضت عليها بالكامل.
ولاحظت أوساط في كتلة «المستقبل» النيابية لـ «اللواء»، إن الاتصالات لم تنقطع بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» والتي أثمرت اتفاقات حول العديد من الملفات، ومن بينها تشكيل الحكومة وإجراء الكثير من التعيينات، وإن كانت الاتصالات بشأن الاستحقاق الرئاسي لم تفض إلى نتيجة حاسمة، وبالتالي فإن عقد هذا اللقاء بين الرئيس الحريري والعماد ميشال عون، يخضع لاعتبارات عديدة لا يمكن الخوض بتفاصيلها، مشددة على أن الرئيس الحريري يولي أهمية كبيرة لفتح قنوات الحوار والتواصل مع كل القوى السياسية، لأن لا خيار أمام اللبنانيين إلا التلاقي والتحاور لإخراج البلد من أزمته لجعله قادراً على مواجهة ما ينتظر لبنان من تحديات في المرحلة المقبلة.
وتقول الأوساط إن الرئيس الحريري ومنذ عودته إلى بيروت السبت الماضي، منشغل باللقاء والاجتماعات التي يعقدها مع قيادات تيار «المستقبل» وحلفائه في قوى «14 آذار» للبحث في تطورات الأوضاع الداخلية وتوحيد الموقف والنظرة من الاستحقاقات الداهمة والتعامل معها بطريقة جديدة قادرة على حماية لبنان وصون وحدته وسلمه الأهلي واستقراره.