يعتقد سياسيون أنّ ملف الاستحقاق الرئاسي بدأ منذ أيامٍ يعود الى حيويّته شيئاً فشيئاً، وأنّ ثمّة مؤشراتٍ حوله تدلّ على انه قد يتحرّك بقوة أكثر في قابل أيام هذا الصيف وأسابيعه.
يقول هؤلاء السياسيون إنّ اقتناعاً بدأ يتكوّن لدى الأوساط والقيادات السياسية بضرورة عدم ربط مصير هذا الاستحقاق بانتخابات الرئاسة الأميركية المقرّرة في الخريف المقبل، خصوصاً أنّ هذا الربط ليس منطقياً أصلاً وفصلاً، وينبغي أن لا يكون مطروحاً في الأساس لدى أيّ فريق سياسي.
ويرى السياسيون إياهم أنّ الاستحقاق الرئاسي الذي يرى البعض أنه بات أسيرَ مصير ترشيحَي رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون وزعيم تيار المردة النائب سليمان فرنجية لم يُسقط خيارَ الذهاب الى رئيسٍ توافقي يكون قادراً على الربط بين كلّ المكوّنات السياسية في البلد، ولكنّ اللجوءَ الى هذا الخيار لن يتمّ إلّا بعد حسم مصير «الترشيحَين القويَّين» إذا جاز التعبير.
وفي رأي فريق من هؤلاء السياسيين أنّ ترشيح عون عاد الى التحرّك متقدّماً على ترشيح فرنجية الذي غطّى الأشهر التي تلت تبلوره في اللقاءات الباريسية بينه وبين الرئيس سعد الحريري وما تلاها من لقاءاتٍ في بيروت بينهما أو بين معاونيهما ولكنه كان ولا يزال يواجه عقبات كثيرة.
ورأوا أنّ لقاء عين التنية الاخير بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر» ووزير الخارجية جبران باسيل شكل مقاربة جدّية لترشيح عون من خلال الملف النفطي الذي يعتمده عون بنداً أساسياً في برنامج ترشيحه الرئاسي. وفي اعتقاد هؤلاء السياسيين أنّ هذا اللقاء انعقد في موازاة أجواء تشير الى أنّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط «بدأ يعيد النظر، أو يعاود، درس خياراته الرئاسية».
ويعتقد هؤلاء السياسيون أيضاً أنّ الحريري بدوره بدأ أيضاً يراجع خياراته الرئاسية وأنّ زيارته الحالية للممكلة العربية السعودية غايتها التشاور في التطوّرات الجارية على مستوى ترشيح عون مع القيادة السعودية التي أيّدت ترشيح فرنجية حسبما شاع بعد «اللقاءات الباريسية» الشهيرة من أنّ ترشيح فرنجية يحظى بتأييدٍ سعودي وأميركي وفرنسي وفاتيكاني.
وقد جاءت زيارة الحريري الراهنة للسعودية في ضوء نتائج لقاءات حصلت علنية وبعيدة من الاضواء بين بعض معاونيه ومعاوني عون ومنها لقاءعُقد في باريس بين باسيل ومدير مكتب الحريري السيد نادر الحريري، وجاء غداة اللقاء الأخير بين بري وباسيل في عين التينة.
على أنّ فرنجية الذي اصطدم ترشيحه بترشيح عون وأصاب العلاقة بينهما باهتزازٍ كبير، كان أكد مراراً ولا يزال أنه لن يقف حجر عثرة في وجه عون في حال حصل حظي ترشيحه بتأييد غالبية القوى السياسية.
ويشير السياسيون أنفسهم الى أنّ ربط مصير الاستحقاق الرئاسي بتوافر الحلّ السياسي للأزمة السورية هو الآخر لم يعد ممكناً لأنّ هذه الازمة دخلت، على ما يبدو، في مرحلة «ستاتيكو» دلّت عليها التطوّرات العسكرية الأخيرة والتي كان منها إسقاط طائرتين حربيّتين للنظام بصواريخ امتلكتها المجموعاتُ المسلّحة المعارضة، معطوفة على إسقاط الحوارات السورية ـ السورية لإيجاد حلّ لهذه الأزمة، وقد أقامت هذه التطوّرات نوعاً من توازن القوى على الأرض قد لا يمكن للجيش السوري في هذه الآونة، وربما الى مرحلة لاحقة، استعادة مناطق جديدة من المناطق التي تسيطر عليها «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرهما من التنظيمات المسلّحة.