IMLebanon

تعاون عون ــ الحريري.. شجاعة

الانفراج الذي بات على الابواب بعدما حققت مبادرة جورج عدوان انجازا كبيراً في التوصل الى قانون انتخابي يحظى برضى الجميع وفي الوقت ذاته قانون عادل يعكس التمثيل الصحيح لكل المكونات الطائفية وبخاصة المكون المسيحي، نرى ان الآمال التي وضعناها على التحالف العوني – القواتي لم تثمر فقط بانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية بل شملت ايضا قانونا يعزز المناصفة ويكرس الديموقراطية التوافقية في لبنان. ما ذكرناه يخفف من قلق المسيحيين وخوفهم من ان وجودهم مهدد دائما في هذه المنطقة والاهم ان ذلك يعد كتعويض للمسيحيين لكل المؤامرات التي حيكت ضدهم في زمن الحرب الاهلية ولكل الاحقاد التي واجهوها ولكل المحاولات لعزل المسيحيين في الماضي القريب.

طبعا ما حصل سواء انتخاب الرئيس عون الذي له قاعدة شعبية كبيرة عند المسيحيين او سواء اقرار قانون يعزز المناصفة ليس كافيا لصون حقوق المسيحيين ولضمان حمايتهم بشكل فعال انما ذلك يشكل انطلاقة جيدة ليضمد المسيحيون جروحهم ما يمكنهم التواصل مع الطوائف الاخرى بحرية وانفتاح اكثر من السابق والتعامل مع مزيد من التسامح والمرونة وتقبل الاخرين. بيد ان شعور مكون طائفي معين ان حقوقه لم تعد مهدورة ينعكس ايجابا ليس فقط على هذا المكون فحسب بل ايضا تؤدي الى علاقات ودية مبنية على ثقة متبادلة لا على اسس الشك والخوف من الاخر كما الى تعاون وثيق مع الطوائف الاخرى وهذا ما يمهد ويؤسس لعيش مشترك سليم وحقيقي.

وتأكيدا على ما نقوله، نرى انه كلما كان التعامل بين الطوائف اللبنانية بعدل ومساواة ودون ان يتخلله اي فوقية او استقواء فريق على الاخر، نشهد تحسنا ملموسا في التوافق على عدة مسائل في مجلس الوزراء والمجلس النيابي الى جانب انجاز عدة مسائل بسرعة اكبر من السابق. والحال انه في السنوات الماضية كان التعطيل والفراغ والفوضى والشلل المؤسساتي تهيمن على مفاصل الدولة فكان المجلس النيابي يكاد يشرع واحيانا يقفل ابوابه لمدة طويلة ليفتحها لاحقا لاجراء تعديل للدستور ناهيك بأزمة النفايات التي اثرت سلبيا حياة المواطنين في سمعة لبنان في الخارج نتيجة تناحر القوى السياسية فيما بينها. اضف على ذلك، كان الوزراء يختلفون فيعلقون عمل الحكومة لشهور عديدة ما يؤثر سلبا في البلاد برمتها اما تشكيل الحكومة فكان يستدعي ذلك جولات من التشاور وشهورا من المفاوضات للتوافق على اسماء الوزراء. وفي السياق ذاته، الفراغ الرئاسي الذي دام لسنتين والذي عاشه اللبنانيون عموما والمسيحيون خصوصاً كان نتيجة رفض البعض الاستماع لمطالب المسيحيين وعدم رغبتهم لتقبل خيارات المواطن المسيحي مفضلين الاستمرار في التعامل مع المكون المسيحي بفوقية.

أليس جليا ان المساواة والتعاون العادل بين الطوائف ينتج ان انسجاما اوسع في مقاربة المسائل المهمة سواء في مجلس النواب او في مجلس الوزراء؟ ألم يصبح واضحا ان المناصفة تخلق بيئة ايجابية وبالتالي تؤدي الى تفعيل عمل مؤسسات الدولة لا الى شلها؟

خير دليل على ذلك، التنسيق الحاصل بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري في شتى الامور والعمل على تسهيل انجاز كل الطروحات التي من شأنها النهوض بالبلد خلافا لما كان يحصل سابقا عندما كان يستأثر فريق معين بالحكم غير آبه بتداعيات الانفراد بالقرار وايضا بالغبن الذي يولده عند الفريق الاخر. وهنا، لا يمكن تجاهل دور الرئيس سعد الحريري الذي اختار مصلحة لبنان على مصالحه الشخصية والذي بات مثالا يحتذى به في التفاني من اجل الوطن رافضا اللجوء الى الخطابات الشعبوية التي تضر بأبناء بيئته وتغرقهم بالطائفية والتعصب والكره. طبعاً انفتاح ومرونة الحريري قابلها الرئيس عون ايضاً بالمزيد من التجاوب والحوار وهذا ما يحتاج ان يفعله باقي الافرقاء اذا كانوا فعلا حريصين على مصلحة لبنان.