وزني لـ«اللواء»: الوضع الاقتصادي صعب لكن تقديرات صندوق النقد ليست دقيقة
كان من المتوقع ان تشكل التطورات السياسية والامنية والديبلوماسية محور بحث ونقاش على طاولة مجلس الوزراء الأخير، ولكن نجم الملف الاقتصادي سطع بشكل مفاجئ حين وزعت على الوزراء في بداية الجلسة ورقة اقتصادية لافتة، مما جعلهم يتفاجأون بمن فيهم وزير المالية علي حسن خليل الذي ابدى امتعاضا كبيرا بما تضمنته من ارقام مالية خطيرة كغيره من اعضاء الحكومة، والتي وضعت من دون معرفته كما كشفت مصادر وزارية لـ«اللواء»، حيث اكدت ان هذا التقرير او الورقة وضعت من قبل وزير الاقتصاد رائد خوري بناءً على توقعات صندوق النقد الدولي للعام 2020 وليس لهذه المرحلة الراهنة، ولكن الخطير في هذه الورقة كما رأت المصادر انها خرجت الى العلن واحدثت بلبلة كبيرة لدى الرأي العام اللبناني.
وأبدت المصادر استغرابها للخطوة التي قام بها وزير الاقتصاد من دون علم وتنسيق مع وزير المال، ورأت هذه المصادر بأنه كان على الوزير خوري عدم الاخذ فقط بتوقعات صندوق النقد الدولي خصوصا انه ليس تقريرا مقررا للعام الحالي بل هو للاعوام الثلاثة المقبلة، من هنا اعتبرت هذه المصادر انه كان على وزير الاقتصاد التروي ودرس الامور بهدوء ووضع جدول عام مفصل حول الوضع الاقتصادي الراهن برمته، والاسباب التي ادت الى وصوله لهذا المستوى من التدهور، وفي المقابل ايضا وحسب المصادر كان عليه وضع جدول اخر حول الحلول الممكنة من اجل ايجاد المعالجات المطلوبة لهذا الوضع.
ولفتت المصادر الى انه كان على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اخذ رأي خبراء ومستشارين اقتصاديين حول هذه الورقة قبل توزيعها على الوزراء واحداث بلبلة داخل المجلس. ولم تخفِ المصادر قلقها من صعوبة الوضع الاقتصادي الراهن وضرورة ان يكون هناك عصر للنفاقات ووضع سقف لها وزيادة الايرادات واجراء الاصلاحات المطلوبة.
وشددت هذه المصادر على أن اولوية الحكومة هي معالجة الاوضاع الاقتصادية والمالية، وهذا ما يسعى اليه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري منذ تشكيل حكومته، وهذا الامر بحثه بتفاصيله خلال لقاءاته التي عقدها مع المسؤولين الماليين والاقتصاديين في العاصمة الاميركية واشنطن، وتحديدا في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وقد استمع رئيس الحكومة وحسب المصادر الى النصائح الاقتصادية والمالية التي قدمت اليه والتحذيرات حول استمرار الاوضاع الاقتصادية على ما هي عليه، ولفتت المصادر الى ان الرئيس الحريري منفتح لدرس ومعالجة هذه الاوضاع مع الخبراء والمستشارين في لبنان، ويعتبر هذا الملف اساسياً لديه.
وتوقعت المصادر ان تشهد المرحلة المقبلة سلة من الاصلاحات الاقتصادية الكبيرة لا سيما في ضوء القرارات التي اتخذت على اثر اقرار سلسلة الرتب والرواتب، لا سيما ان الجميع على معرفة تامة بأن الاوضاع الاقتصادية لم تعد تحتمل المزيد من التهاون، ولفتت الى ان المواطن سيلمس ذلك من خلال القيام بإجراءات خصوصا على الصعيد الاداري.
من ناحيته، اطلق الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني عبر «اللواء» عنوانا للمرحلة المقبلة وهو اجراء الاصلاحات بشكل شفاف وواضح.
وزني الذي اعتبر بأن 75% من الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد خدماتي، اعلن ان الوضع الاقتصادي هو وضع صعب وخطير، ولكنه اكد ان تقديرات صندوق النقد الدولي ليست دقيقة باعتبار انه والبنك الدولي يعيدان النظر بتقديراتهما الاقتصادية والمالية بحدود مرتين او ثلاث مرات في العام حسب المناخات السياسية والامنية التي تؤثر على الوضعين الاقتصادي والمالي. ولكنه اشار الى ان تقرير صندوق النقد الدولي يعتبر بمثابة تحذير جدي يجب اخذه بعين الاعتبار لتدارك المخاطر التي قد تنجم اذا استمر الوضع الاقتصادي في لبنان على ما هو عليه كي لا نصل الى الانهيار، ولكن وزني عاد ليكرر ان التقرير الدولي هو مجرد فرضيات لا اكثر ولا اقل قابلة للتغيير.
وشدد على ان اجراء الاصلاحات هو ضرورة حتمية على صعيد المالية العامة والانفاق والبحث عن ايرادات، كاشفا ان عجز المالية العامة مقدر في العام 2017 رسميا بـ8.6% ولكنه فعليا يتجاوز 10%.
ولفت وزني الى ان تقرير الصندوق قد يشهد تطورا ايجابيا حتى العام 2020 في حال حصول تغييرات ايجابية من خلال الاصلاحات التي قد تطرأ على صعيد الدين العام والتقديمات الاجتماعية وخلق فرص عمل للشباب وغيرها الكثير من الامور الاساسية والضرورية للانماء الاقتصادي والمالي.