تتكشّف رويداً رويداً اهداف ميشال عون الحقيقية، المعلومة اساساً من قبل “القوات اللبنانية” قبل ان يكون رئيس تكتل او رئيس جمهورية، عندما كان قائداً للجيش مُتمرّداً على الدستور ومُدمِّراً للتراتبية العسكرية وللقرار السيادي للمنطقة المُحرّرة. تتكشّف حالياً لجميع اللبنانيين وللافرقاء السياسيين، مِن داعميه ومِن مستغلِّيه “ضدّ القوات حصراً”، نواياه الخطيرة لاستكمال تنفيذ رؤيته لشكل النظام الذي يستسيغ ترؤسه منذ ظهوره الكارثي الاول في العمل السياسي الوطني، مُؤكداً على عشقه لانواع الانظمة المُعادية للمقاييس الدستورية والديمقراطية والتشاركية، ضاربةً إياها بعرض الحائط لصالح توسيع نفوذ الزعيم المُلهِم والمؤلَّه.
امّا صرخات آلام الشعب الناتجة عن المعاناة القاسية للعيش في ظلِّ انظمة كهذه، فلا تُشكّل موانع لاستمراره بخطوات تنفيذ مفاهيمه لادارة النظام، بل تُعطيه الدافع الاساسي للتشدّد بالتوجيهات لأجهزته، من اجل إسكات الاصوات، وتعويد الناس على الخضوع وعلى تحمّل الآلام والتضحيات، لصالح الاهداف النبيلة التي تنحصر بالحفاظ على الزعيم “المُعظّم”، الذي يحرص على إحاطة نفسه بفريقٍ تنفيذي من مخلوقاتٍ فاقدةٍ للشفقة والرحمة والمسؤولية والحسّ الانساني. فلا الدستور، ولا الحكومات، ولا المجالس النيابية، ولا حتى العقوبات، تحدُّ من تصرّفاتهم اللاأخلاقية، فهوسهم بالحفاظ على السلطة يتجاوز كل القيم، لأن السلطة بالنسبة لهم هي الملجأ الاخير بعد انكشاف خبثهم ونفاقهم.
كم تشبه الصفحات التاريخية التي يطبعونها في تاريخ لبنان الحديث تلك التي رسمها سابقاً الكثير من القادة في دول العذابات والظلم، ولم يُسجِّل التاريخ يوماً في ظلّ الانظمة هذه، حالة واحدة لفاسد او لديكتاتور او لطاغية، تحوّل في لحظةٍ ما الى التوبة، فلا القدّيسين ولا العلماء والمُفكّرين والفلاسفة استطاعوا يوماً التقارب منهم او التأثير عليهم.
بالنهاية، الدولة اليوم بيدهم، امّا الوطن فليس ولن يكون، لأنه ملْك الاحرار وقد أفْشلوا الطغاة والغزاة الذين سبقوهم الى هذه البلاد، الاحرار الباقون على جهوزيتهم الدائمة لاسقاط المفرِّطين بالهوية من عليائهم الوهمي، المستندين على عصاةٍ رفيعة، سمّوها خطأً وكفْراً بـ”حزب الله”، وأكبر خطاياه باسم “الله” الانقلاب على وطن الرسالة والحياد والتطور والازدهار، مستقوياً بسلاحه وبدهائه لتكريس ذلك، لكنه يفشل كغيره من الغزاة بفهم قدرة احرار هذا البلد على صدِّ محاولاتهم المُستمرّة.
صرختي هذه موجّهة لمن يقرأ ليفهم، فالانتفاضة ضدّ ّمشروع المحور لا بدّ منها، إنها واجب كل مواطن يُقدِّر حرّيته ويرفض العيش في الذمّية، الانتفاضة لا بدّ منها وإن ترافقت مع تعاظم الآلام والعذابات، لان نهاية مشوار الدفاع عن الهوية والحرّية يأتي الخلاص، امّا الانتظار تحت حكمهم فسيترافق دائماً وأبداً بالكثير من المعاناة الناتجة عن المذلاّت، وبالدماء النازفة من التعذيب والمهانات.
فلنذهب الى الانتفاضة بالانتخابات ضدّ مشروع المنظومة وضدّ كل الاطراف المُتجدّدة التي تتماهى مع خطِّها السياسي العام، ولتكن الانتفاضة أولاً لاجل الانتخابات، فإنها المصير والبقاء.