IMLebanon

عون يُواجه مُنفرداً الواقع الحكومي

حكومة الرئيس تمام سلام بعد نزول «التيار الوطني الحر» إلى الشارع، لا تشبه حكومة «ربط النزاع» في المرحلة السابقة، إذ ان المشهد داخل مجلس الوزراء وخارجه اختلف، ولحقت بعناصره تحوّلات لا يمكن نكرانها، بصرف النظر عن مواقف المعترضين على الحراك الميداني أو المؤيدين له من حلفاء العماد ميشال عون. ومن أبرز هذه التحوّلات، كما كشف مصدر وزاري محايد، هو انتقال العنوان الرئيسي على الروزنامة الداخلية من الشغور الرئاسي إلى صلاحيات رئيس الجمهورية حصراً التي توزّعت على الوزراء ورئيس الحكومة بشكل متساوٍ منذ تعذّر انتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان. وعلى الرغم من التأويلات المتضاربة لما سُجّل في الشارع، فإن هذا المصدر لم يجد في كل الوقائع الميدانية والسياسية سوى ترجمة لصراع واضح بين أدائين وأسلوبين مختلفين، الأول للعماد عون، ويعتمد فيه التحرّك في الشارع كطريقة وحيدة للوصول إلى أهدافه. والثاني للرئيس سلام، والذي يرفض بشكل قاطع وحاسم أي محاولة لتحويل طاولة مجلس الوزراء إلى ساحة مواجهة طائفية ومذهبية مهما كانت أهمية العناوين المرفوعة لها.

وانطلاقاً من هذا الخلاف العميق، لم يهضم رئيس الحكومة، كما غالبية المكوّنات السياسية لحكومته بحسب المصدر، الأسلوب المعتمد من قبل «التيار الوطني الحر»، وذلك بدلالة التأييد الذي تلقاه سلام بسبب قدرته على «ضبضبة المشكل» الذي بدأ في اللحظة الأولى لاجتماع مجلس الوزراء، ولم يتوقّف عند حدود السراي الحكومي.

وتقود هذه القراءة يضيف المصدر، إلى اعتبار حكومة «المصلحة الوطنية»، كما يصفها سلام، حكومة ربط للنزاع كما يريدها العماد عون، حيث لكل من الطرفين دوافع أدّت إلى الانقسام الذي تردّدت أصداؤه في الشارع. فالصراع الحاد بين فريقي 8 و 14 آذار من جهة، والتوتّر السنّي ـ الشيعي من جهة أخرى، قد دفعا نحو إقامة حوارات جانبية على هامش مجلس الوزراء، وذلك لإبعاده عن كل الألغام، وللحؤول دون انفجاره من الداخل، وذلك كما أوضح المصدر الوزاري نفسه، الذي كشف عن إرادة جامعة لدى كل القوى الرئيسية على تحييد الواجهة الدستورية الشرعية الوحيدة للدولة عن كل الصراعات الداخلية والإقليمية. وأضاف أن هذا القرار ما زال ثابتاً ومعمولاً به حتى اليوم في ظل غياب البديل، مما يجعل من رئيس الحكومة لاعباً أساسياً في تحديد مسار عمل مجلس الوزراء الذي يتولى مجتمعاً صلاحيات رئيس الجمهورية.

وبالتالي، فإن اتجاه الرئيس سلام إلى رفض استخدام الحكومة من قبل أي فريق كإحدى أدوات الضغط لتنفيذ أجندات سياسية أو غير سياسية، ما زال يحظى بغطاء قوي، ولذلك انتقل الخلاف أخيراً من ملف التعيينات الأمنية إلى بحث في آلية العمل الحكومي، والصراع حول الصلاحيات.

أما أسباب هذا الغطاء شبه الكامل للحكومة ورئيسها، يتابع المصدر نفسه، فهي تتركّز في القناعة الراسخة لدى المراجع المعنية بأن اللحظة الراهنة لا تسمح بأكثر من الحوار بحدّه الأدنى لتبريد الشارع سواء كان السنّي أو الشيعي أو المسيحي، ذلك أن ما من طرف داخلي جاهز اليوم للتسوية، وبالتالي، فإن الفصل ما بين الصراع السياسي والعمل الحكومي هو قرار محلي وخارجي، ولكن العماد عون يرفض هذا الواقع ويضغط لتغييره ولو «منفرداً» كما قال وأكد مراراً. وخلاصة هذه المعطيات، فإن الوضع الحكومي يبدو معلّقاً اليوم على عدة عناوين متضاربة من استعادة الحقوق المسيحية المسلوبة، إلى صلاحيات الرئاسة، مروراً بآلية العمل الحكومي، وذلك حتى بلورة القرار «الصعب» على الساحة الإقليمية، والذي سيُترجم لاحقاً في لبنان.