إذا كان لم يسجل حتى الآن أي خرق في جدار قانون الانتخابات المسدود، على خلفية المواقف المعروفة للأطراف ، حيث كل جهة تريد القانون العتيد وفق مصالحها، إلا أن الأجواء التي أعقبت إقرار التعيينات الأمنية وبهذا الشكل الواسع من التوافق، تبدو مختلفة عن تلك التي سبقتها، ما يشير إلى أن العهد لا يقبل أن يسجل عليه أنه أخفق في المهمة الأبرز التي وضعها على اجندته وهي إقرار قانون جديد للإنتخابات بديلاً من قانون الستين النافذ،بعدما أكد رئيس الجمهورية ميشال عون اكثر من مرة رفضه الحازم لتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفقاً لهذا القانون،وبالتالي فإن لا خيار إلا بالتوافق على قانون جديد،وهو الذي بدأت مؤشراته تلوح في الأفق، استناداً إلى مجموعة معطيات برأي مصادر وزارية كما تقول لـ«اللواء»، في مقدمها تمسك الرئاسة الأولى بحتمية التوصل إلى القانون الجديد ولو استغرق الأمر بعض الوقت، سيما وأنها مقتنعة بأن الوصول إلى هذا الغرض أصبح قريباً، إضافة إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري وتيار المستقبل وبعض الحلفاء، ماعادوا متمسكين في المقابل بالرفض الكامل للنسبية، وإنما ظهر بوضوح أن الرئيس الحريري مستعد للقبول بالنسبية التي كان يعترض عليها قبل ترؤسه الحكومة، بالتوازي مع التسهيلات التي قدمها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بشأن القانون المنتظر،عندما أبدى استعداداً للقبول بالقانون المختلط الذي يجمع بين النسبية والنظام الأكثري، وهو ما يساعد على توقع حصول ايجابيات على هذا الصعيد، سيما في ضوء استعداد كافة الأطراف لتقديم التسهيلات المطلوبة لولادة القانون الجديد، حيث أشارت المعلومات إلى أن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي بحث بالأمس مع النائب غازي العريضي في الملف الإنتخابي،سيتقدم بمشروع انتخابي جديد الأسبوع المقبل يعتمد على مجموعة أفكار واقتراحات كانت حصيلة نقاشات مع مختلف الأطراف السياسية، قد تلقى قبولاً من جانب الذين سبق واعترضوا على المشروعات الإنتخابية التي قدمها باسيل في الأسابيع الماضية.
وتلفت المصادر الوزارية إلى أن الرئيس عون، كما الرئيس الحريري ينظران إلى قانون الإنتخابات على أنه بمثابة تحدٍّ كبير لا يمكن ان يتهاونا حياله، لأن كل الإنجازات التي تحققت والتي كان آخرها التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية تبقى غير ذي جدوى إذا لم تتوج هذه الإنجازات بإقرار القانون الجديد،لأن مصير العهد إذا صح التعبير مرتبط بمدى قدرته على الإيفاء بتعهداته وطي صفحة الستين، بقانون آخر يراعي صحة التمثيل ويوفر المناخات الملائمة ليختار اللبنانيون ممثليهم بكل حرية وديمقراطية،ويبدو أن هذا الأمر قد بات متاحاً مع تغير الأجواء باتجاه القبول بالقانون المختلط الذي يفسح في المجال أكثر أمام اعتماد النسبية في الدوائر الانتخابية، رغم المعارضة التي لا تزال تواجهها من جانب البعض، لكن ما يدفع إلى التفاؤل هو أن الجميع بات مسلماً بأن لا انتخابات نيابية على أساس القانون النافذ وأن كل الجهود التي تبذل تركز على أن الإستحقاق النيابي المقبل سيجري وفق قانون جديد لن يشكل تحدياً لأحد وإنما سيمكن جميع القوى السياسية من أن تحفظ حقها في التمثيل في الندوة النيابية،لا أن يبقى التمثيل النيابي حكراً على قوى سياسية دون غيرها وهذا ما باستطاعة النسبية تحقيقه، خلافاً للقوانين النيابية الأخرى التي كانت تشوه التمثيل وتحول دون وصول ممثلين لكافة القوى السياسية إلى البرلمان، كما هي الحال بالنسبة إلى قانون الستين الذي أساء كثيراً إلى الممارسة الديمقراطية وأفقدها دورها.