Site icon IMLebanon

هذه هي دلالات المواجهة في المجلس

 

 

لم يعد الإعلان عن ولادة الحكومة المنتظرة، هو التطوّر المطروح بإلحاح اليوم، في ضوء التراشق والتصعيد السياسي الذي شهدته جلسة مجلس النواب بالأمس، والتي قرأت فيها أوساط نيابية مخضرمة، صورة مصغّرة عن المشهد السياسي الداخلي العام، والذي يقف على شفير الإنهيار نتيجة الصراعات المحتدمة بين القوى السياسية، والتي تنذر بتسريع وتيرة الإنفجار الإجتماعي، الذي سيطيح بكل شيء في طريقه، وذلك، على وقع الأزمات التي باتت مستعصية على الحلول، ولو أبصرت حكومة الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي النور اليوم.

 

وتقول هذه الأوساط، أن دلالات المواجهة التي حصلت في الجلسة بالأمس متعدّدة، أبرزها أن مناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الى المجلس النيابي من أجل بحث الأوضاع الإقتصادية، تعني من الناحية العملية ضيق الخيارات أمام السلطة التنفيذية، أي الحكومة، وليس فقط رئاسة الجمهورية، وبالتالي، العجز عن مقاربة ملف حيوي يتمثّل بدعم استيراد المحروقات، مع العلم أن غالبية الكتل النيابية، كما نسبة كبيرة من المواطنين غير المستفيدين من هذا الدعم، يؤيّدون قرار المصرف المركزي برفع الدعم، ولكن إذا تزامنت هذه الخطوة مع إجراءات بديلة تؤمّن المحروقات لكل المواطنين، وتحول دون احتكاره من قبل أطراف محدّدة، هي الجهة الوحيدة التي استفادت من الدعم على حساب ودائع اللبنانيين، ولكن من دون أن تكون المحروقات مؤمّنة لكل المناطق اللبنانية بطريقة عادلة ومحقّة.

 

اضافت الاوساط: إذا كان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قد فرض صدور تشريع قانون عن المجلس النيابي يجيز له التصرّف بالإحتياط الإلزامي لديه إذا كانت حكومة تصريف الأعمال تريد منه الإستمرار بالدعم، فإن السلطة في المقابل، تدرك سلفاً أن المجلس النيابي لن يوافق على مثل هذا التشريع الذي يعني من الناحية العملية، وكما تقول الأوساط نفسها، المساس بما تبقى من احتياطات المركزي بالنقد الأجنبي، نظراً لما لهذه الخطوة من تداعيات على سعر صرف الدولار في الأسواق، كما على الواقع الإجتماعي العام، ذلك أن قيمة دعم استيراد المحروقات، والتي تجاوزت ألـ 800 مليون دولار، لم تؤدِّ إلى حل الأزمة، مع العلم أن الكميات المستوردة كان من المفروض أن تؤمّن حاجات السوق من البنزين والمازوت لمدة ثلاثة أشهر، لكن الإحتكار السريع لكل الشحنات المستوردة، هو الذي سبّب الأزمة الحالية، ودفع بالتالي، إلى صدور قرار المصرف المركزي برفع الدعم عن استيراد المحروقات.

 

وعلى هذه الخلفية، تستبعد الأوساط ذاتها، أن يكون الحل الملائم لأزمة استيراد المحروقات وغيرها من الأزمات الحياتية من خلال مواصلة هدر الودائع أو الدعم الذي لم يحقّق أهدافه على مدى العامين الماضيين، خصوصاً وأن كل المواد المدعومة كانت مفقودة من الأسواق، ولم تتوفّر إلا بعد رفع الدعم عنها. ولذا، فإن تأكيد مجلس النواب على وجوب الإسراع بتشكيل الحكومة وتطبيق البطاقة التمويلية، هو الخلاصة الوحيدة المقبولة من كل الأطراف السياسية، كما من الفئات الشعبية التي لم تعد قادرة على مواجهة الظروف المعيشية الصعبة، والتي تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، وباتت تهدّد الناس في حياتهم وصحتهم وحاجاتهم الأولية، فيما تتحلّل مؤسّسات الدولة وتنعدم كل الخدمات الحيوية يوماً بعد يوم.