عشية جلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول مصير التأليف الحكومي، ترتسم صورة الانقسام حول أهدافها وهي الصورة التي عكستها مواقف عدد من النواب ما أن وصلت الرسالة الرئاسية إلى البرلمان. وعلى ما يبدو فإن التوقعات بحصول تشنج ما ليس مستبعدا اقله من خلال كلمة من هنا أو كلمة من هناك. ويعود لرئيس المجلس نبيه بري كالعادة ضبط مسار الأحداث، فهل يرجىء النقاش، ام يتم تسجيلها في المحضر فحسب؟ القرار يعود إلى المجلس وإن الغد لناظره قريب مع العلم انه على ضوء مناقشات مجلس النواب الرسالة تتخذ الخطوة الرئاسية التالية.
لكن المصادر المقربة من رئيس الجمهورية تتحدث لـ«اللواء» عن رغبة الرئيس عون في ان تفتح الابواب للتشكيل، لكن ما صدر ويصدر من مواقف يوحي بأن الفريق الاخر ماض في التعطيل ويريد تحميله مسؤولية هذا التعطيل.
وترد هذه المصادر بالتالي على من يتهم رئيس الجمهورية بسعيه إلى تعديل الطائف والدستور بالقول: هذا الاتهام وجه له مرارا وتكرارا قبل إرسال الرسالة وبالتالي ما يصدر حاليا يؤشر إلى رغبة في التصعيد السياسي وليس البحث في الوصول إلى حل كما يتمنى رئيس الجمهورية من رسالته إلى المجلس. ولا تخفي التأكيد أن مطلقي المواقف يريدون نقل النقاش من نقاش دستوري علمي وموضوعي ووطني إلى نقاش طائفي ومذهبي وغير سياسي.
وتكرر القول إن الرسالة الرئاسية اتت في أعقاب الجمود الذي أصاب عملية التأليف وسفر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من حين إلى آخر إلى الخارج وعدم تجاوبه مع الدعوات المتكررة التي وجهها الرئيس عون له للحضور إلى قصر بعبدا والبحث في تشكيلة حكومية تحقق المشاركة الوطنية والميثاقية والتوازن والاختصاص، مشيرة إلى أن الرئيس عون طلب من النواب تحديد موقفهم من الوضع الحكومي لأن تسمية الحريري تمت من قبلهم في الاستشارات، مذكرة بأن الرئيس الحريري وضع تشكيلة لا تتوافر فيها مبادئ التوازن والميثاقية والاختصاص التي تهدف إلى تحقيق الشراكة الوطنية المطلوبة.
وتفيد المصادر المقربة من رئيس الجمهورية أن هناك حقائق لا بد من الإشارة إليها وهي أن مطلقي الاتهامات بحق الرئيس عون ذكروا ان ١٨ لقاء عقد بين الرئيسين، لكنهم اغفلوا عن ذكر انه خلال هذه اللقاءات كان الحريري يصر دائما على الطروحات نفسها على الرغم من أن الرئيس عون فتح المجال لاكثر من حل، وكان اخرها تأييده لصيغة ٢٤ التي اقترحها الوزير السابق وليد جنبلاط عليه، علما ان الحريري لم يعلن حتى الساعة تأييده لهذه الصيغة.
وتضيف: تمسكوا بالموقف القائل بأن الرئيس يريد الثلث المعطل، في حين انه اعلن اكثر من مرة أنه لا يريد هذا الثلث أو يسعى إليه، كما أن البطريرك الماروني بشارة الراعي نقل رسميا ما تبلغه من الرئيس عون خلال زيارته له لجهة انه لا يريد الثلث، ومع ذلك لا تزال مواقف المستقبل ورئيسه تروّج ذلك.
وتشدد على أن القول بأن الرئيس خالف الدستور قول مردود لأن كل كلمة في الرسالة الرئاسية استندت الى مواد الدستور وبنود وثيقة الوفاق الوطني وبالتالي لا يوجد اي مخالفة للدستور والرئيس صارح النواب بالواقع وينتظر منهم موقفا لان استمرار الوضع على ما هو عليه لا يجوز خصوصا في الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد.
وتعتبر أنه من الواضح من المواقف المعلنة ان الادعاء بأن الرئيس يريد ان يغير الطائف والتنكر له، لا اساس لها من الصحة لان كل ما طرحه في رسالته هو من وحي الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، واذا كانت لديهم الجرأة فليثبتوا اين يوجد في الرسالة الرئاسية ما يشير صراحة او مداورة بأن الرئيس يتجاوز الطائف أو ينتهكه.
وتقول: يعملون على تطييف الرسالة الرئاسية لعدم مقاربتها بموضوعية لانهم يعرفون ان كل كلمة وردت في الرسالة هي حقيقة لا لبس فيها. وهم يريدون نزع حق الرئيس في المشاركة في تأليف الحكومة ويريدونه ان يكون مجرد موقّع على المرسوم خلافا لعبارة «بالاتفاق» الواردة في الدستور… هذا هو كل همهم الغاء حق الرئيس في ان يكون شريكا في التأليف مشيرة في هذا المجال إلى أن الرئيس يوقع مرسوم التكليف، وتوقيعه اساسي في مرسوم التشكيل وفي اقالة اي وزير وفي اي تبديل يحصل في الحكومة، فكيف يريدون ان يوقع من دون ان يكون له رأي في ما يوقع؟
كذلك تسأل: هل من المنطقي ان يتحمل الرئيس مسؤولية توقيعه على المراسيم من دون ان يكون له رأي في ما يوقع؟
وتختم المصادر مؤكدة، أن هذه الحقائق اراد الرئيس ان يعرفها النواب لان فريق «المستقبل» يحاول ان يصور الامور على غير حقيقتها، ولا سيما ان الحريري لم يتجاوب مع الدعوات التي وجهت اليه لتقديم تشكيلة من ٢٤ وزيرا كما توافق الفرقاء نتيجة مساعي البطريرك الراعي والرئيس بري وجنبلاط، وقد حمل التكليف وصار يتنقل من مكان إلى آخر.