Site icon IMLebanon

ماذا يقول «المستقبل» و«التيار» بعد رسالة عون؟

 

برّي نجح في لجم «الانفجارالكبير» على طريق العودة الى المبادرة

 

لا احد يستطيع ان يتكهن في شأن مسار الازمة الحكومية، لكن هناك اجماعا اليوم ان الآفاق مسدودة امام الحلول حتى اشعار آخر، وان طرفي النزاع عون والحريري ذهبا في خلافهما الى ما يمكن وصفه نقطة اللاعودة.

 

وبعد رسالة الرئيس عون الى مجلس النواب، ماذا بعد جلسة مناقشتها؟ تجمع الاطراف الموالية والمعارضة بكل الوانها وتشكيلاتها بأن ما جرى في الاونيسكو، مكان انعقاد جلسات المجلس العامة، يرجح بنسبة كبيرة ان لا حكومة في المدى المنظور، لا سيما بعد ما سمع وشاهد اللبنانيون على الهواء مباشرة كلام الرئيس الحريري والنائب باسيل وشروطهما المتبادلة التي لا تبعث على التفاؤل بل تزيد نسبة التشاؤم الى حدود غير مسبوقة .

 

ويتهم مصدر نيابي بارز في «تيار المستقبل» رئيس «التيار الوطني الحر» بانه حدد قواعد وتفاصيل تشكيل الحكومة بطريقة انقلابية تتعارض بوضوح مع الدستور والمنهج المتبع في تشكيل الحكومات ما بعد الطائف واقرار الدستور الجديد.

 

ويقول المصدر ان المشاركة والاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لاستيلاد الحكومة لا تعنيان نزع الحق الذي كرّسه الدستور للرئيس المكلف لجهة تشكيله للحكومة والتشاور والبحث مع رئيس الجمهورية في شأنها، ولا يعني ان تتحول هذه المشاركة الى وسيلة تعطيل يستخدمها رئيس الجمهورية لاحتجاز الحكومة رهينة وفق ارادته واهوائه دون الاخذ بعين الاعتبار ان هذه المهمة والمسؤولية تقع بالدرجة الاولى لرئيس الحكومة وللحكومة التي ستتحمل المسؤولية امام مجلس النواب والشعب اللبناني.

 

ويرى المصدر ان الرئيس عون يمارس التعطيل ليس من خلال الشروط التي يطرحها حول الحصص والحقائب والاسماء والتسمية فحسب، بل ايضا من خلال تفسيره للمشاركة في تأليف الحكومة الى حد انها في نظره تحوّل رئيس الحكومة المكلف الى شريك اقل سلطة وتأثير على الحكومة التي يترأسها ويقودها ويتكلم باسمها ويتحمل مسؤولية عملها.

 

وفي كل الاحوال، يعتقد المصدر النيابي المقرب من الحريري ان رسالة عون «صعّبت الوضع اكثر بالنسبة لتشكيل الحكومة، ولا يعرف حتى الآن ماذا سيحصل بعد الذي جرى في جلسة مجلس النواب من تطورات على صعيد المساعي التي سيقوم بها بري».

 

ويضيف « ان كلمة باسيل رغم انها كانت هادئة بالشكل، تضمنت تشددا واضحا تجاه عملية تاليف الحكومة، بحيث يمكن القول ان عون وصهره جبران يصران على التمسك بشروط التعطيل والعرقلة رغم كل ما حصل ويحصل على صعيد انزلاق البلد الى مزيد من التدهور نحو الجحيم الذي كان بشرنا به رئيس الجمهورية.»

 

اما التيار الوطني الحر فيرى على لسان احد ابرز نوابه ان خطاب الحريري «عكس بوضوح من خلال رفع سقف التصعيد واطلاق العبارات غير اللائقة، انه لا يريد ان يتجاوب مع الدعوات والاصول التي تفترض ان يتقدم بتشكيلة متكاملة لمناقشتها مع رئيس الجمهورية، وانه يحاول ان يتمترس وراء اتهامات باطلة بحق الرئيس عون بانه مصر على الحصول على الثلث المعطل وغيرها من الحجج لتغطية التعطيل الحقيقي الذي يمارسه وربط مصير الحكومة بمصير علاقته بالسعودية».

 

ويضيف المصدر «ان ما شهدناه خلال جلسة المجلس يعكس بوضوح مرونة مداخلة التيار الوطني الحر من خلال مداخلة رئيسه بحيث لم يجد اشد خصومه هذه المرة ثغرة لانتقادها او الهجوم عليه كما كان يحصل بعد خطاباته او مؤتمراته الصحفية. اما الحريري فاكتفى بكلمة مكتوبة شديدة اللهجة ولم يستدرك مداخلة باسيل الرصينة والهادئة، ما يدل على انه اختار الشعبوية على حساب اختيار موقف رجل الدولة المسؤول».

 

واذا كان كل طرف من الطرفين المتنازعين يلقي اللائمة على الآخر، فان الحقيقة المؤكدة ان ما جرى في جلسة رسالة عون عزز خيبة الامل لدى الرأي العام، ولعلّ النتيجة الايجابية الوحيدة هي «اننا زمطنا من انفجار كبير» على حدّ تعبير احد نواب كتلة معارضة، مضيفا ان انتهاء الجلسة من دون حصول هذا الانفجار يعتبر النتيجة الايجابية الوحيدة، لكن ما سمعناه من الحريري وباسيل يؤكد ان الحكومة صعبة وبعيدة المنال، ولا يتوقع ولادتها قريبا.

 

وحسب المعلومات المتوافرة من مصادر مطلعة، فان بري، الذي نجح في ضبط ايقاع الجلسة، حاول استثمار تجاوز قطوعها لاستئناف مبادرته من حيث النقطة التي انتهى اليها في وقت سابق، وانه اجتمع مع الحريري وباسيل تمهيدا لجولته الاخيرة، لكنه لم يناقش معهما اقتراحات محددة، مركزا على تخفيف حدة الاحتقان السياسي كعنصر مهم لمواصلة مساعيه.

 

وتضيف المصادر انه يركز ايضا على اهمية تخلي كل طرف من طرفي النزاع الرئيس عون والحريري على عدم وضع اية شروط مسبقة تعيق مسار مبادرته، وافساح المجال امام معالجة العقبات العالقة خصوصا ان هناك نقاطا حسمت منها حكومة الـ24 وزيرا، والتأكيد على الوزراء الاختصاصيين غير الحزبيين.

 

اما في خصوص موضوع الثلث زائد واحد المعطل، فان تأكيد استبعاده يترجم من خلال تكريس صيغة الثماني الثلاث مع معالجة الخلاف حول تسمية الوزيرين المسيحيين وحقيبتي الداخلية والعدل.

 

وبينما تتهم اوساط الحريري عون بانه مصمم على الحصول على الثلث المعطل المقنع بمد يده وتسمية وزراء مسيحيين خارج الثمانية وزراء المحسوبة من حصة تسميته، تقول اوساط بعبدا ان مثل هذا الكلام غير صحيح وان الحريري لم يطرح او يناقش اي شيء من هذا القبيل مع الرئيس عون بعد لقائهما الاخير.

 

وخارج تفاصيل ما يمكن ان تتناوله المشاورات والمداولات المتوقعة خلال إستئناف مبادرته فان الرئيس بري ينتظر اشارات ايجابية صريحة في مواقف بعبدا وبيت الوسط اهمها التخلي عن الشروط المسبقة لكل طرف، وهذا ما دعا اليه في خطابه امس بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، مؤكدا مرة اخرى «ان الازمة الحكومية داخلية وشخصية مئة في المئة، والمدخل الالزامي للانقاذ مبادرة المعنيين دون شروط مسبقة الى ازالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وطنية مؤلفة من اختصاصيين غير حزبيين ودون اثلاث معطلة».