اراد الرئيس ميشال عون ان يتمثّل برؤساء الدول الديموقراطية، الذين يواجهون شعوبهم عن طريق الاعلام في لقاء مفتوح تطرح فيه جميع القضايا الهامّة التي تعني الشعوب ومصالحها، مع فارق وحيد ان رؤساء هذه الدول يتم انتخابهم مباشرة من شعوبهم، على عكس رئيس جمهورية لبنان الذي ينتخب من النواب.
في المبدأ، هذه الخطوة جيدة بقدر ما هي مفيدة للشعب، لأنها تفتح عينيه على القضايا التي تعنيه، مباشرة من رئيس البلاد، ليبني عليها موقفه، سلباً او ايجاباً، عند توجّهه الى صندوقة الاقتراع لاختيار المرشحين الى النيابة، بمعنى ان مواجهة الناس انما هي سلاح ذو حدّين، فقد ترفع من شعبية المؤيدين لرئيس الجمهورية، وقد تخفضها وفقاً لاقتناع الناس بأجوبة الرئيس، او عدم اقتناعهم بها، وتأكيداً ستكشف الانتخابات النيابية المقبلة مدى تجاوب الشعب مع طروحات الرئيس عون، او عدم تجاوبه معها.
في الشكل…
لا يمكن ابداء الرأي بمواقف رئيس الجمهورية، دون المرور في شكل هذا اللقاء الذي شابه العديد من الثغرات التي نتمنى على الصديق رفيق شلالا ان يتلافاها مستقبلاً، فالرئيس عون لم يواجه الاعلام بالمطلق، بل واجه محطات التلفزيون تحديداً، اي جزءاً من الاعلام، من ناحية ثانية، «فلت الملقّ» وكأن اللقاء مع رئيس البلاد تحوّل الى مؤتمر صحافي مع وزير او نائب او سياسي، وليس مع رئيس للجمهورية، كما ان استعمال بعض التعابير من بعض المشاركين كان ينمّ عن عدم لياقة وعدم احترام للمقام، كما انه لم يكن هناك تقيّد بالموضوع المطروح، وربما كان من الافضل لو اعطي كل مشارك فرصة طرح ثلاثة اسئلة ليرد عليها الرئيس ضمن فترة محددة، دون ان يستتبعها نقاش من احد، ويترك للرأي العام الحكم، هل اقتنع باجوبة الرئيس او لم يقتنع، اما بالنسبة الى التقارير الثلاثة التي عرضت، فبدلاً من ابراز شعبية حزب معين، كان الاجدى التركيز على ما يمكن ان تحققه الانجازات من منافع، فيما لو تم تنفيذها بشفافية وصدق.
في المضمون
اعترف الرئيس عون في اجوبته، ان ورشة البناء غير سهلة، وان وسائل مكافحة الفساد غير متوفرة، وان المحاصصة موجودة، ما يعني ان الاصلاح والتغيير، ستأخذ وقتاً طويلاً، خصوصاً ان جميع مؤسسات الدولة «مهترئة ومنتهية الصلاحية، بما فيها مجلس النواب»، ولم يحدد عون اي مدة معقولة لحصول الدولة على الوسائل التي تحقق مكافحة الفساد، كما انه اعترف بأن التشكيلات والتعيينات خضعت للمحاصصة، التي على ما يبدو اصبحت جزءاً من ثقافة الحكم في لبنان، ولا شيء يدل على ان هناك نية بمحاربتها، ما يعني انها سترافق العهد الى نهايته، على الرغم من ان المحاصصة توصل بنسبة كبيرة الى توظيف غير الكفوءين وغير الصالحين.
اخيراً وليس اخراً، لا اعتقد ان الرئيس عون كان موفقاً في مقاربته لموضوع«تلفزيون لبنان»، خصوصاً تشكيكه في آلية التعيين التي اعتمدها، وزير الاعلام، لانه كان عليه منذ البداية ان يعلن ان تعيين رئيس لمجلس ادارة تلفزيون لبنان هو عرف بات يختاره رئيس الجمهورية ولكن ان يترك الامر الى نهايته، ويقايض اليوم القبول بشخص مقترح من وزير الاعلام باعفاء السيدة لور سليمان من مهامها في رئاسة الوكالة الوطنية للاعلام، فهذا أمر مثير للدهشة والاستغراب، لأن الزميلة سليمان نجحت في ادارة الوكالة ورفعت من شأنها لبنانياً وعربياً، ولم يعرف عنها انها موظفة فاسدة، وابعادها عن الادارة ابعاد للموظفين الصالحين امثال مديرة عام وزارة الزراعة السيدة غلوريا ابو زيد التي عوقبت لأنها تطبق القانون، وحكم مجلس شورى الدولة ثبّت حقها.
جميع اللبنانيين، يريدون لعهد العماد ميشال عون ان ينجح، ولكن الشوائب التي ترافق احياناً بعض التدابير، تقلّص فرص نجاحه، لذلك فاعادة مراجعة الحسابات واجبة.