IMLebanon

فعل التلاوة…

 

يلتزم المجلس النيابي، اليوم، بتلاوة رسالة وجهها إليه رئيس الجمهورية ميشال عون. وذلك ليتحفنا مرة جديدة بإنجاز باهر من إنجازاته التي تؤكد أنه لولا وجوده لكانت جهنم التي نتقلب في أتونها أكثر جهنمية.

 

ففعل التلاوة يهدف إلى وضع النواب الذين كلّفوا الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، أمام مسؤولياتهم، بعدما “أصبح من الثابت” لدى فخامته، الذي لا يرى إلا ثوابته ولا يعترف إلا بها ولا ينطق إلا بهواها، “أنّ الرئيس المكلّف لا يزال يأسر التأليف، متجاهلاً كلّ مهلة معقولة لتأليف حكومة قادرة على الإنقاذ”.

 

حلو الرواق! والأحلى منه هذه الغيرة على المهل المعقولة التي تنقذ البلد الواقف على شوار العهد القوي، والتي تستوجب نزع التكليف من الحريري، حتى لو كلَّف ذلك تعديل الدستور.

 

ولكن إذا ما كبرت لن تصغر. من هنا، ربما سيد العهد على حق. فالمهل الرجراجة تخريبية. والتعديل واجب، ولكن ليس فقط بما يتعلق بمهل تشكيل الحكومة، ولكن بمهل الدعوة إلى الاستشارات الملزمة، وتوقيع القوانين والمراسيم وتعيينات مجلس القضاء الأعلى وحراس الأحراج وغيرها، وليس رميها في أدراج الكيدية والمزايدات المذهبية والمصالح الفئوية الضيقة.

 

والأهم عدم تأجيل الانتخابات النيابية بحجة أو بأخرى، لأن الصهر وزلمه مهددون بضياع المقاعد والأكثرية المسيحية، بعد فقدان الرصيد والتأييد وموجات “الهيلا هيلا هو” التي لم تفقد صلاحيتها وتتجدد مفاعيلها مع كل تحفة من تحف طرابين حبق هذا التيار.

 

وقبل أي شيء، التعديل يجب أن يبدأ من انتخابات رئاسة الجمهورية، التي يفترض أن تُعقد جلساتها تلقائياً في موعد محدد تحاشياً للفراغ. وأن تكون في الجلسة الأولى بحضور الثلثين، وان تعذر ذلك بالنصف زائدٍ واحدٍ في الجلسة الثانية، وان تعذر ذلك فبمن حضر في الجلسة الثالثة، وليس الانتظار من منتصف العام 2014 إلى أواخر العام 2016، والامعان في تعطيل نصاب مجلس النواب إلى حين “تركب” التسوية، التي أتت بالرئيس الغيور على الثوابت من وجهة نظره، رئيساً للجمهورية. وسمحت له بأن يصول ويجول في التعطيل والتخريب، مرة بحجة الدفاع عن مقام الرئاسة الأولى وأخرى لأن الثوابت تنص على أنه “كرمال عيون الصهر ما تتشكل حكومة”.

 

فالدستور الوحيد الذي يعترف به العهد القوي ينص على مصلحة هذا الصهر لو كلّفت هذه المصلحة تفجير صمام الأمان من خلال نسف أسس الوفاق الوطني الذي أرساه إتفاق الطائف الناظم للعلاقات بين اللبنانيين. ولا يهم اذا جاءت نتائج فعل التلاوة كارثية باتجاه مزيد من سقوط البلد.

 

بالتالي، بعد جهوده المستميتة لإسقاط مؤسسة رئاسة الوزراء، ها هو يسعى من خلال فعل التلاوة للرسالة المفخخة إلى إسقاط مجلس النواب عبر تلغيمه بالانقسام السياسي والطائفي وعبر التلويح باستقالة نواب التيار كآخر الكي، كما كان قد لمّح الصهر اللمّاح.

 

حينها يستعصي صاحبنا في قصر بعبدا إلى ما شاء الله، مستخدماً نغمة حماية المركز المسيحي الأول وصلاحياته. ليس غيرة على هذه الصلاحيات أو على هذا الدستور الذي تعرض للانتهاك والتفسيرات العبثية… ولكن اذا لم يكن الدستور لخدمة العم والصهر… فالاستغناء عنه واجب… واللي مش عاجبو يفل…