ذهبت بعض المراجع والاوساط السياسية في الايام الاخيرة الى تسريب معلومات واستنتاجات بان الوضع الداخلي قد يشهد في الشهرين المقبلين معطيات ايجابية بما خصّ ملف رئاسة الجمهورية بالتوازي مع امكان اعادة تيار المستقبل لسياسة احتكار القرار السياسي على مستوى الحكومة بما يفسح المجال امام حصول حلحلة في عمل مجلس الوزراء يخرجه من حال الشلل والتعطيل المستمر منذ اشهر، وتالياً التجاوب مع مطلب التيار الوطني الحر الشراكة الوطنية في القرار بعيداً عن الاستفراد والعزل.
وتبني هذه المراجع والاوساط تفاؤلها على ما يحصل من حراك سياسي على الصعيد الاقليمي بعد الاتفاق على الملف النووي الايراني، وبخاصة ما يجري من لقاءات اقليمية ودولية لاطلاق الحل السياسي في كل من سوريا واليمن من جهة وشعور الدول الداعمة للارهاب بأن خطر التكفيريين بات يهدد هذه الدول سواء في الغرب او في دول الخليج بدءاً من السعودية. كما ان بعض المتفائلين يعتقدون بامكان حصول حلحلة في الملفات الساخنة حالياً وبخاصة ما يتعلق بآلية عمل الحكومة واستطراداً نجاح المساعي التي يقوم بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لتمرير الصيغة الثلاثية التي تقترح تعديل قانون الدفاع من اجل تأجيل تسريح بعض الضباط، وبت الدورة الاستثنائية لمجلس النواب وتنشيط عمل الحكومة.
الا ان مصادر ديبلوماسية مطلعة على اجواء الحراك الاقليمي لا تعقتد بامكان حصول حلحلة في الوضع الداخلي سواء ما له علاقة بعمل الحكومة او الاستحقاق الرئاسي وتعيد المصادر هذه المعطيات الى اكثرمن سبب داخلي وخارجي ابرزها الآتي:
ـ اولا: ان لبنان ليس اولوية في حسابات الدول الاقليمية والغربية، بل يأتي الاهتمام الخارجي بالمرتبة الرابعة وما فوق، فالاولوية بالنسبة لمعظم هذه الدول ترتيب مصالحها انطلاقاً من مقاربة مواجهة الارهاب واطلاق الحل السياسي في كل من اليمن وسوريا.
ـ ثانياً: لا تزال السياسة السعودية حيال لبنان تنطلق من ابقاء الساحة اللبنانية ورقة ابتزاز لاستخدامها في مواجهة خصومها عندما تحين التسويات الاقليمية، ولذلك لن تسهل السعودية اي حلول ليس فقط على مستوى الاستحقاق الرئاسي، بل على مستوى تنشيط عمل الحكومة عبر اعادة تيار المستقبل لسياسة الاستفراد التي يمارسها في ادارة الشأن الحكومي، وهو ما يعني ان لا تنازل في موضوع آلية عمل الحكومة في وقت قريب.
ثالثاً: ان الموقف الايراني الداعم لايجاد حلول للقضايا اللبنانية الساخنة، لا يمكن ان يساهم لوحده في الحلحلة طالما السعودية تعرقل الحلول الداخلية على طريقة «ان يد واحدة لا تصفق». لذلك تستبعد المصادر ان تنعكس محادثات وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في بيروت ايجاباً على الملفات الخلافية وان كان الوزير الايراني اعلن خلال لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين دعم بلاده لكل ما يتفق عليه اللبنانيون، سواء بما يتعلق بالملف الرئاسي او القضايا الاخرى بما في ذلك القضايا الاقتصادية والمالية. وتفيد المعطيات ان ظريف كان واضحا في خلال محادثاته في بيروت بأن بلاده مستعدة للمساعدة في اي شأن لبناني يتفق اللبنانيون عليه.
رابعا: لا يبدو ان السعودية ترغب في الانفتاح على ايران لانه من دون ذلك يصعب لأي دولة ان تسرّع وتيرة الحلول لقضايا المنطقة بما في ذلك الملف اللبناني. وتوضح المصادر في هذا السياق ان لا مؤشرات لحصول تغيير في الموقف السعودي في الفترة القريبة على الاقل الى حين بت الاتفاق النووي في الكونغرس الاميركي.
خامسا: ان قوى 8 آذار غير موحدة في تعاطيها مع الملفات الخلافية خاصة الصراع القائم بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وبالتالي فهذا الضعف في موقف هذه القوى يشجع المستقبل وحلفائه على المضي في سياسة الاستفراد وتغييب مكونات اساسية عن الشراكة الوطنية على الرغم من دعم حزب الله لمواقف العماد عون وخياراته.
وعلى هذا الاساس تؤكد المصادر ان لا حلول متوقعة في وقت قريب في اي من الملفات الخلافية ولهذا ترى المصادر ان الحراك «العوني» سياسيا وفي الشارع مفيد لاكثر من اعتبار ومن بين هذه الاعتبارات التالي:
1- ان الحلول تأتي دائما على قاعدة اشتدي يا ازمة حتى تنفرجي وبالتالي فقد يضطر تيار المستقبل لاعادة النظر بمواقفه السلبية من الشراكة اذا ما شعر ان الامور ذاهبة نحو الانفجار.
2- ان هذا التصعيد قد يدفع الاطراف الاقليمية المعرقلة وتحديدا السعودية الطلب من حلفائها في لبنان تسهيل الحلول لبعض الملفات.
3- ان الحراك في الشارع على قاعدة الدعوة لحل قضايا خدماتية تمس المواطن من شأنها ان تزيد الضغوط على المعرقلين للحلول في سبيل معالجة بعض هذه القضايا سواء في مجلس الوزراء او في مجلس النواب.
4- ان هذا الحراك من شأنه ان يرفع من درجة الاصطفاف المسيحي حول العماد عون وتياره وبالتالي يشكل ورقة ضغط على الاطراف المسيحية الاخرى التي قد تجد نفسها خارج المزاج العام المسيحي وتاليا تحرك هذه الاطراف لاعادة الشراكة الى داخل مجلس الوزراء.
من كل ذلك يبدو وفق المصادر ان لا شيء ايجابي في الافق لا بل ان الامور تتجه نحو مزيد من التوتير السياسي ولذلك فإن حراك التيار الوطني الحر مرشح للاستمرار في الشارع في الفترة المقبلة.