Site icon IMLebanon

عون يمهد لـ«الساعة الصفر» بـ.. «تبرئة الذمة»

الهوة بين «الجنرال» وخصومه تلتهم المخارج

عون يمهد لـ«الساعة الصفر» بـ.. «تبرئة الذمة»

أغلب الظن، ان العماد ميشال عون يدرك في قرارة نفسه ان وصفة المخارج الاربعة، التي اقترحها خلال مؤتمره الصحافي الأخير لمعالجة أزمة الرئاسة، لن تجد قبولا لدى فريق «14 آذار»، وحتى لدى بعض من هم خارجه.

في الاساس، سبق لاقتراحات عون ان رُفضت الواحد تلو الآخر عندما طُرحت بـ «المفرق»، تارة بحجة عدم دستوريتها وطورا بسبب عدم واقعيتها، ما أدى الى احتراقها تباعا.

والارجح انه لم يطرأ منذ ذلك الحين، وحتى اليوم، ما يوحي بأن رافضي طروحات الجنرال هم بصدد تبديل مواقفهم، بل لعل قناعتهم بها أصبحت أشد رسوخا مما كانت عليه.

وتكفي استعادة الكلام الاخير لرئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة حول انعدام حظوظ عون الرئاسية لإدراك حجم الهوة السياسية التي لا تزال تفصل بين رئيس «التيار الوطني الحر» وبعض خصومه، وهي هوة تستمر في التهام كل المخارج والأفكار التي تُطرح من هنا أو هناك.

ولئن كان الجنرال قد قرر تشكيل وفد من نواب «تكتل التغيير والإصلاح» لزيارة الكتل النيابية الأساسية، في إطار «التبشير» بطروحاته وتفسير حيثياتها، فإنه يمكن منذ الآن التوقع بأن مردود الجولة لن يتجاوز حدود «المجاملات السياسية»، ما دام خلاف البعض مع عون حول الخيارات الداخلية والاقليمية، لا يزال عميقا ومستفحلا.

أمام هذا الواقع، يُطرح السؤال الآتي: ما الهدف من المؤتمر الصحافي الأخير للجنرال، في ظل تواضع فرص التجاوب مع مضمونه؟

يبدو ان عون أراد من خلال مبادرته المركبة «تبرئة الذمة» السياسية قبل أن يبادر الى أي خطوة تصعيدية لاحقة، ردا ليس على احتمال التمديد للقادة الأمنيين فقط، وإنما على كل النهج الإقصائي الذي يشكو منه ويتصدى له منذ عام 1990.

ووفق المعطيات المتوافرة، إذا لم تبدر عن الفريق الآخر إشارة إيجابية وسريعة في الملف المفتوح حاليا والمتصل بالقادة الامنيين، فإن ذلك سيعني ـ تبعا للمطلعين على مناخ الرابية ـ إصرارا مقصودا على المضي في التهميش المزمن للحضور المسيحي في السلطة، الامر الذي سيرد عليه عون بنبش كل ملفات النظام وقبوره، وصولا الى الاندفاع نحو ما هو أبعد من الاعتكاف الحكومي، وربما يصل الى حدود الإعلان عن «العصيان السياسي» المرفق بتحركات شعبية، على قاعدة ان اللعبة انتهت أو «game over»، كما يقول أحد قيادات «التيار البرتقالي».

وهناك من ينصح تيار «المستقبل» وفريق «14 آذار» بأن يتصرفا بذكاء ويسحبا الفتيل من يدي عون قبل أن يشعله، وذلك عبر الموافقة على تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش، وإلا فإن النار ستمتد الى اتفاق الطائف، القابل بطبيعته للاحتراق بفعل عدم الاتزان في مضمونه وعدم التوازن في تطبيقه.

لم تعد مسألة القادة الامنيين تتعلق حصرا بتعيين هذا الضابط أو ذاك، بل أصبحت في منظار عون تتصل بمفهوم الشراكة الحقيقية التي طالها من التنكيل والتشويه، ما جعلها تصبح من دون أي جوهر، الأمر الذي بات يهدد باكتمال دورة الانتقال من أزمة الحكم الى أزمة النظام.

ويؤكد زوار الرابية ان عون نهائي وقطعي في معركته الحالية، لافتين الانتباه الى ان المعادلة البرتقالية باتت على الشكل الآتي: «إما استعادة المسيحيين للدور والموقع والهوية والحقوق، وإما على الدنيا السلام..».

ويشدد هؤلاء على ان عون لم يعد مستعدا للاستمرار في تغطية الخلل الفادح والمتمادي في التوازنات الداخلية، مستغربين كيف ان تيار «المستقبل» لم يحتمل مجرد خروج سعد الحريري من رئاسة الحكومة عندما تولاها نجيب ميقاتي، علما ان «المستقبل» ما لبث ان استعادها عبر الرئيس تمام سلام، بينما يُطلب من عون ان يتقبل حرمان المسيحيين منذ قرابة 25 عاما من حقهم في رئيس تمثيلي للجمهورية، وقانون انتخابي عادل وتعيينات أمنية وإدارية منصفة.

ويستهجن المقربون من عون اتهام البعض له باستخدام خطاب طائفي يعود الى زمن الحرب، لافتين الانتباه الى انه إذا كان المسيحيون قد حاولوا في الماضي الدفاع عن امتيازاتهم، فإنهم يسعون حاليا الى حماية حقوقهم ليس إلا، ما يمنح اللغة التي يستعملها الجنرال شرعية أكثر من أي وقت مضى، سواء في مواجهة التكفير الإرهابي أو التكفير السياسي، «لأن أصل الوجود المسيحي بات على المحك».