لم تحمل انتخابات المجلس السياسي في «التيار الوطني الحر» استثناء عن المسار الذي رُسم لها مذ أن جرى تحويل النظام الانتخابي من أكثري الى نسبي، للتجميع بالمفرق ما تمّت خسارته بالجملة خلال الانتخابات المناطقية.
هكذا، بدا توزيع الأصوات، بعد اليوم الانتخابي الأخير في المسيرة التأسيسية للحزب، انعكاساً للنسب المؤية التي ظهّرتها صناديق الانتخابات المناطقية التي جرت الشهر الماضي واعتقد خلالها بعض المعارضين أنّ رياح هيئات الأقضية ستجاري سفنهم حين سيطرقون باب المجلس السياسي، وإذ بالآلية الجديدة تغيّر كل الصورة وتجعل من استحقاق المجلس السياسي «معركة أفراد»، ما أدى الى تدفيع بعض المعارضين ثمن «مشاكستهم» من خلال «محاربتهم» بالاسم.
وقد انتهت المرحلة الانتخابية الأخيرة في المسيرة التنظيمية «للتيار البرتقالي» بتسجيل الملاحظات الآتية:
ـ حلّت ميراي عون الهاشم في الطليعة كما كان متوقعاً لها.
ـ بدا من خلال بورصة النتائج أنّ كل المرشحين جمّعوا سلّة أصواتهم من كل الأقضية، بحيث أنّ الأسماء المقرّبة من القيادة سحبت أصواتاً من هيئات غالبية أعضائها معارضة، كما نال مرشحون معارضون أصواتاً من هيئات محسوبة على القيادة.
فمثلاً أعطى قضاء البترون ناجي الحايك 13 صوتاً، ميراي عون 13 صوتاً، جيمي جبور 12 صوتاً، زياد النجار 9 أصوات، زياد عبس 4 أصوات، انطوان نصر الله 3 أصوات… وأعطى قضاء المتن ميراي عون 13 صوتاً، جورج شقير ونعمان مراد 12 صوتاً، زياد نجار 10 أصوات، زياد عبس 6 أصوات، انطوان نصرالله 5 أصوات… أما قضاء بعبدا فمنح نعمان مراد 12 صوتاً، جورج شقير 13 صوتاً، انطوان نصر الله 11 صوتاً، زياد عبس 10 اصوات…
ـ مقابل سقوط المعارضين زياد عبس وانطوان نصر الله وجورج شقير، تمكن نعمان مراد من تسجيل «سكور» عالٍ بفعل الأصوات التي حصدها من أقضية جبل لبنان وهي التي تشكّل خزان المعارضة، والتي اتفقت هيئات أقضيتها على ايصاله الى المجلس السياسي، بمثابة رسالة منها.
ـ لم تخل الانتخابات من تدخلات واتصالات «توجيهية» من جانب مقربين من الرابية لكي لا تزيح النتائج عن الخط المرسوم لها، بدليل أنّ الانتخابات «التجريبية» التي أجرتها هيئات الأقضية قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع، انتهت الى نتائج مغايرة عن تلك التي أفضى اليه النهار الانتخابي بمرحلتيه (الأولى للهيئات المناطقية، والثانية لرؤساء المصالح).
ومع ذلك، خاض العونيون هذه المواجهة وهم يدركون جيداً أنّ هذه المحطة الديموقراطية محكومة بقواعد ثابتة، لا تغيّرها نتائج فرز الصناديق، وهي:
ـ تبقى خريطة التوازنات التي ظهّرتها الانتخابات المناطقية المتصلة بالأقضية، هي «الأصدق أنباء»، والأكثر عبرة وتمثيلاً لأنّها تعكس حقيقة ميول حاملي البطاقات البرتقالية، خصوصاً وأنّها أتت وفق آلية انتخاب مباشرة من الناخبين.
ـ إنّ النتيجة التي حملتها اتنتخابات المجلس السياسي ذُيّلت بالكثير من علامات الاستفهام بسبب الآلية المطعون بـ «شرعيتها» بعد «التلاعب» بنصّ النظام الداخلي الذي قال صراحة إنّ صوت هيئات الأقضية يكون وفق تصويت النظام الأكثري، أما التعميم الصادر عن القيادة فقضى بتصويت الأقضية وفق النظام النسبي، بغية «شرذمة» البلوكات الكبيرة وتحديداً في جبل لبنان.
ـ حاول العونيون تجنّب الاصطفاف الحاد، أي بين الفريق الموالي للقيادة وذلك المعارض لها لتكون معركة أفراد لا محاور بحيث لا تجيّر النتيجة لصالح أي فريق، مع أنّ بعض الترشيحات صنّفت على هذا الأساس، كما أنّ بعض البلوكات صوّتت بشكل موّجه، فخاض كل مرشح معركته وفق شبكة علاقاته مع القواعد الحزبية، وعدم الاعتماد فقط على البلوكات المفترض أنّ صوتها معروف سلفاً.
ـ لا يتغيّر واقع المجلس السياسي في كونه مجرّدا من الصلاحيات التنفيذية، سواء «حكمه» موالون أو معارضون، ولا يصير أكثر فاعلية مهما كان لونه أو تركيبته، طالما أنّ رئيس الحزب هو القابض على السلطة.
ومساء أعلن رئيس الحزب جبران باسيل نتائج انتخابات أعضاء المجلس السياسي والتي فاز فيها كل من:
ميراي عون هاشم 275 صوتاً، زياد يوسف النجار 229 صوتاً، جيمي جورج جبور 206 أصوات، رندلى رفيق جبور 186 صوتاً، نعمان جوزف مراد 185 صوتاً، وناجي إميل الحايك 184 صوتاً.
أما الخاسرون فجاءت نتائجهم كالتالي:
الياس حنا 178، زياد عبس 153، أنطوان نصرالله 130، جورج شقير 120، باتريك باسيل 98، طوني ابي عقل 89، جوزيف بارود 19، سليم الشمالي 3.
واعتبر باسيل أن «هذا اليوم تاريخي ونبدأ فيه التأسيس لأعراف وتقاليد أخلاقية للمستقبل، في وقت نرى داعش التكفيري والسياسي نقدم نموذج حرية وديموقراطية وتنوع، وخطانا ثابتة على رغم التحديات».