من ذا الذي سيصدق رئيس التيار الوطني العماد المتقاعد ميشال عون في سعيه الى تعديل الدستور لمجرد انه لمصلحته، فيما يعرف الجميع تعقيدات جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، في الوقت الذي ينشط الجنرال مع حلفائه لمنع عقد اية جلسة متكلين على افقاد النصاب النيابي، اضافة الى ان مجلس النواب غير قادر على التشريع، اي ان المجلس سيكون امام حل من اثنين: اما التشريع بما في ذلك تعديل الدستور، واما لا عقد للجلسات مهما اختلفت الاعتبارات السياسية؟!
صحيح ان قوى 8 اذار يمكن ان تساير العماد عون في سعيه الى تعديل دستوري، لكن الاغلبية المطلوبة لذلك غير متوفرة اي ان التعديل الدستوري لن يحصل، كما وان عقد جلسة تشريعية لن يكتب لها النجاح، مع ما يعنيه ذلك من اصرار نيابي على ان التعديل الدستوري يحتاج الى وقت طبيعي، وهذا غير متوفر راهنا، لان التعديل سيؤدي تلقائيا الى ما فيه مصلحة البعض على حساب البعض الاخر، لاسيما ان الانتخابات الرئاسية كما هو مقترح ستثمر على اساس قاعدتين من المستحيل ايجاد الارضية اللازمة لذلك (…)
فالانتخابات المذهبية اولا قد توصل الى انتخابات شعبية ثانيا لكن من قال ان المسلمين سيقبلون بذلك، الا اذا كانت الغاية اختيار رئيس مجلس النواب على الاساس عينه، وهكذا بالنسبة الى رئيس مجلس الوزراء، الى ما في ذلك من محاذير قد لا تبصر النور لانها مقترحة على القاعدة القائلة ان الانتخابات المذهبية قد تتم في هذا الاتجاه من دون سواه، وهذا بدوره من الامور المرفوضة كما سيتضح في حال اكتمل عقد جولات فريق التيار الوطني على اصحاب الرأي من الكتل والفاعليات؟!
هذا الشيء مستبعد تماما، لان امورا كثيرة ستحتاج الى تعديل في الميثاق وفي الدستور والقوانين والاعراف، كي لا يقال ان في حال قبل مجلس النواب مقترحات عون يعني ذلك مقاربة الدستور والميثاق على اسس مذهبية من شأنها تغيير الكثير من الامور المتعارف عليها، ان من جانب مجلس النواب او من جانب الحكومة، خصوصا ان عون يتطلع الى استعادة ما اخذه، اتفاق الطائف من رئيس الجمهورية، الامر الذي سيؤدي الى تطاحن مذهبي اين منه العودة الى الحرب الاهلية؟!
ولان ما يقترحه عون يلبي مصلحته ومصالح فريقه المسيحي فان الذي سيرفض المقترحات هم السنة اولا والشيعة ثانيا والدروز ثالثا، مع الاخذ في الاعتبار ماذا سيصدر عن خصوم عون من المسيحيين ممن سيجدون ما يطالب به الجنرال مصلحة خاصة جدا، طالما ان البداية ستكون على اساس الانتخابات المذهبية وعندها فقط سيقال لا بالفم الملآن من جانب مختلف مكونات المجتمع اللبناني الذي يشكل طريق مختلفة تماما قياسا على اتفاق الطائف وما تم بعده؟!
واذا كان عون يرفض اجراء الانتخابات الرئاسية على اساس ما هو قائم حاليا، فان الذين سيرفضون مقترحاته لن يكونوا في حرج، اضافة الى ما يمكن ان يصدر من الفريق الاخر من اقتراحات تبدأ باجراء الانتخابات الرئاسية ومن بعدها الانتخابات النيابية، ومن ثم يجري البحث في تعديل الدستور وليس قبل ذلك من غير حاجة الى البقاء في دائرة الصراع السياسي ومن بعده الصراع المذهبي، وهذا ما على التيار الوطني ان يدركه خشية تطور الامور الى ما لا استقرار فيه ولا ينفع معه ابتكار خطوات دستورية غير جديرة بالاهتمام (…)
هل يهدف عون للوصول الى حافة الانفجار السياسي ليبرر اصراره على ما صدر عنه وعن التيار الوطني وربما تكتل التغيير والاصلاح من مقترحات غير واضحة بل هي غير متوازنة بتاتا في زمن الخشية من العودة بالبلاد الى الوراء، كي لا نقول العودة الى شد الحبال المذهبية – الطائفية والسياسية – المطلبية في آن؟!
المؤكد ان نية عون قد تكون سليمة لكن ما هو غير سليم هو التضامن السائد معركة الانتخابات الرئاسية حيث يصر الجنرال على ان من حقه مقاطعة الجلسات فيما قد تصدر مواقف مشابهة من غيره ترى ان من حقها مقاطعة تعديل الدستور وفي الحالتين لن يكون البلد في خير ولن تتحقق خطوة ايجابية واحدة، لاسيما ان عون مرشح للرئاسة الاولى على طريقته الخاصة، بعكس ما ينص عليه الدستور والاعراف والقوانين، وهي مقولة جافة بعيدة تماما عن نظرة عون الى ما يفترض ان يكون من انتخابات رئاسية؟!