لم تكن مناسبة أبداً كلمة رئيس الجمهورية التي ألقاها ظهر الأمس مقلّباً فيها المواجع على اللبنانيين واضعاً نفسه في خانة المتسائل عن كلّ “المصائب” التي دفع ثمنها اللبنانيّون ثم جاءهم متباكياً متسائلاً عن المسؤول؟ لم أفهم كيف تمكّن رئيس البلاد من التباكي عل “خطة الكهرباء” وسنواتها العشر في الجارور وقد كبّد صهره المدلّل لبنان مليارات المليارات منذ قبض لمدّة عشر سنوات، كلمة مؤسفة وارى فيها الرئيس استجداء عدم تكليف الرئيس سعد الحريري خصوصاً وأنّ فخامته عاجزٌ عن تعطيل الاستشارات عبر تأجيلها فأسقط في يده صهره وفقد ورقة ابتزاز التكليف لينتقل إلى الخطة ب وتعطيل التأليف!
ومن المؤسف أن تياراً بنى خوضه خمسة عشر عاماً من السياسة على عناوين فضفاضة عن الإصلاح والتغيير فإذا به يدخل الحكومات لا يملك خطوطاً عريضة على الأقل للإصلاح فيما امتلك قدرات فائقة للتعطيل ووجدناه يسارع ليكون شريكاً رائداً في فنّ المحاصصة وبدأ بأخذ حصته من الوزارات “المدهنة”، ومن المؤسف أيضاً أنّ الرئيس لم يجد من يسائله عن كلّ وعوده البراقة طوال السنوات الأربع الماضية من عهده الذي لم يجلب إلى لبنان إلا مزيداً من الغرق والحصار والإفقار لتسليمه زمام البلاد المالي والإقتصادي ووضعه بيد صهر العهد، ووضع قيادة البلد سياسيّاً بيد حزب الله، لم يسائل أحد الرئيس ما الذي فعله ليحول دون خسارة لبنان وقوف أشقائه العرب إلى جانبه، بل على العكس أرسل صهره ليقف مع بشار الأسد وإيران من قلب الجامعة العربية، ولم يسائل أحد الرئيس الذي وعد الذين قاموا بزيارته العام الماضي أنّه لن يترك لبنان يغرق، لم يسائل أحد رئيس الجمهورية كيف ينفجر المرفأ ويدمر نصف بيروت بهذا التفجير ولم يكلّف خاطره أن ينزل لتفقد شعبه، ثم يخرج علينا متباكياً على لبنان الذي شهد خلال السنوات الأربع من عهده إنهياراً لم يشهد مثله خلال خمسة عشر عاماً وأكثر!!
طوال السنوات الأربع الماضية تناقلت وسائل الإعلام أجواء أكّدت أنّ رئيس الجمهوريّة في وادٍ والشّعب في وادٍ آخر، قبل عشرة أيام فقط كان الحديث يدور عن لائحتيْن بأسماء مقترحة لرئاسة الحكومة واحدة وضعها الرئيس سعد الحريري والثانية وضعها جبران باسيل يأخذنا إلى حدّ القول الدّستور اللبناني أمسى “ممسحة”،ما يحدث يشكّل افتراء وتطاولاً على الدّستور متورّطة في ارتكابه جهات ثلاث هي رئيس الجمهوريّة الّذي يعطّل عمداً الاستشارات النيابيّة الملزمة لتسمية رئيس للحكومة!! ولم نفهم على أيّ أساس الرئيس القوي وعهده القوي و”حشوة” القوّة التي “نفخوا قلب” اللبنانيين بها جماعة التيار الوطني الحر وأنّه “الحمد لله اللي عنّا ميشال عون” و”ماذا كان سيحدث للبلد لو لم يكن ميشال عون رئيساً”، فجأة وجدنا أنفسنا بالأمس أمام رئيس عاجز وضعيف يعلن أنّه ليس بيده من الأمر شيء، هذا كلام لا يتناسب أبداً مع الأشعار والأناشيد التي يرددها فريق العهد ليل نهار!!
خاب أمل جبران باسيل، واسقط في يد العهد، حزب الله لم يتصدّ نيابة عنهما ويفركش يوم الاستشارات النيابية الملزمة والأرقام ستكلّف سعد الحريري والسجّادة مسحوبة من تحت قدمي الصهر الذي سيوغر صدر العهد ويوحي له أنّها مسحوبة من تحت قدمي العهد لا من تحت قدمي جبران باسيل، والتعطيل خيرات لقدّام!
كمواطنة لبنانيّة، إن كانت لي رسالة إلى العهد فإنني ككل المواطنين نجد أنه حان الوقت ليفك العهد عن نفسه “تقّالة” جبران باسيل، وليرتق ليكون فوق الجميع وحكماً بين اللبنانيين حتى ينجو بالعاميْن المتبقيين من ولايته، إن أراد ذلك!