باريس قلقة مما يُحضّر في روسيا «بعلمه»
كثُر الحديث عن «أمر» حكومي ما سيستجدّ هذا الأسبوع، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، أي سواء عبر تشكيل الحكومة، أو اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، ولكن ما الذي تغيّر لكي يشيع مسؤولو تيار «المستقبل» هذا الكلام الجديد عن نيّة الإعتذار، خاصة وأن هذه الكلمة لم تكن واردة في قاموسهم طيلة الأشهر الستّة الماضية؟
تبدو الأمور مبهمة حتى داخل تيار «المستقبل» نفسه، ففي حين يتحدث بعض قيادييه عن نيّة جدية للإعتذار، ينفي آخرون هذا الكلام جملة وتفصيلاً ويضعونه في خانة الضغط على الرئيس المكلف لدفعه إلى التنازل، ولكن، وبحسب مصادر سياسية مطّلعة، فإن الحريري الذي استفاد شعبياً بشكل كبير جداً طيلة هذه الأشهر، يفضّل الإعتذار على أن يُشكّل حكومة لا يكون له فيها القرار المؤثر، أو أن يكون لخصومه في التيار الوطني الحر الكلمة العليا، لان من شأن هذه الحكومة أن تُخسره شعبياً على أبواب الإنتخابات النيابية.
وتُشير المصادر إلى أن تزامن الحديث عن الإعتذار مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت لم يكن صدفة، بل مقصوداً للضغط على الفرنسيين، أو بالأحرى لاستكمال الضغط على الفرنسيين والذي بدأ خلال زيارة الحريري إلى موسكو، كاشفة أن باريس التي تحسست من تحرك روسيا الأخير، تحاول «تأنيب» الحريري على تصرفاته في روسيا، لا على ما يعتبره البعض تعطيلاً في لبنان.
تعلم باريس واقع الحريري منذ اليوم الأول لتسميته، وهي تعلم أيضاً أن الحريري بحاجة إلى الدعم الخليجي للنجاح في مهمته، وهو ما وعدت باريس بتأمينه، وعمل الرئيس الفرنسي عليه ولا يزال دون تحقيق النتائج المرجوّة، وبالتالي لا يحق لباريس معاتبة الحريري على مواقفه بعد أن فشلت هي بتحقيق وعودها، وتؤكد المصادر أن الفرنسيين يحتاجون الحريري في موقع رئاسة الحكومة بسبب علاقاتهم التاريخية معه، ولكن الدعم الروسي المباشر للحريري بالإسم لموقع الرئاسة أثار العديد من التساؤلات لديهم.
لا تتمنى فرنسا عودة الامور إلى نقطة البداية، أي إلى نقطة اختيار رئيس حكومة مكلّف، ولكنها أيضاً لا تُريد أن تُشكّل الحكومة وفق مبادرة جديدة تختلف عن مبادرتها، لذلك تكشف المصادر أن تبادل الرسائل بين باريس وبيت الوسط سينتهي، وهناك تفكير جدّي بلقاء لودريان مع رئيس الحكومة المكلف، إلا إذا توضّحت الصورة خلال ساعات قليلة بشأن مستقبل سعد الحريري.
هناك من لا يزال يسعى لقلب الطاولة على الجميع وتقديم استقالات نيابية جماعية، ويحاول إقناع الحريري بهذا الخيار، وهناك من نصح الحريري بالإعتذار والتوجه بشكل كامل نحو الموقع المعارض والتفرّغ لمرحلة الإنتخابات النيابية، خاصة أن القادم على لبنان لن يكون شعبياً، وأن الحريري بحال كان خارج السلطة في الإنتخابات المقبلة سيربح، ولذلك تؤكد المصادر أن الحريري لديه العديد من الخيارات للتفكير بها بشكل مطوّل، مشدّدة على أن الأكيد في كل هذا المشهد أمرين اثنين:
-الاول: الحريري لن يترأس حكومة تُغضب السعوديين ولا تكون جزءاً من التسوية في المنطقة.
-الثاني: الحريري لن يعتذر ويُسقط ورقة التكليف من يده دون تنسيق مع السعودية، لأن هذا كل ما يهمه في المرحلة الراهنة.