Site icon IMLebanon

نداء بكركي«الميثاقي»

وصّف نداء بكركي الوضع اللبناني بشكل دقيق وأطلق تصوّراً واضحاً حول رؤية البطريركية المارونية للمخاطر المحدقة بالكيان اللبناني من جوانب انحطاط الدستور نصاً وروحاً. وبكركي لا تطلق نداءً إلّا يوم تعتبر أنّ المخاطر على لبنان الكيان والرسالة وصلت الى حدود اللامقبول.

وأهميّة النداء تأتي في سياق توصيف بكركي للأزمة الدستورية القائمة انطلاقاً من التحديد العلمي للمواد الدستورية من دون الدخول في حيثياتها اللفظية.

وما التفريق المُعلن بين النص الدستوري والميثاق كونه روح الدستور، إلّا واقعاً في موقعه الصحيح والطبيعي إذ إنّ نظامنا الدستوري يتكوّن من نصّ الدستور ببنوده المحدَّدة إضافة الى النظام القائم على ميثاق ذي جوهر وشكل «تعدّدي».

أما الإشارة البطريركية المميَّزة لهذه «التعدّدية»، فتأتي لتؤكد أنّ الكيان اللبناني قائمٌ على هذا العنصر الذي يشكل بذاته روحاً عضوية وهدفاً وطنياً بديهياً، وأيّ استمرار لاهتزاز التعدّدية ومنطق التنوّع بمختلف وجوهه سيؤدي في الحال أو المآل الى تقويض العقد الاجتماعي اللبناني بما يفسح في المجال أمام امتداد أزمات الخارج الى الداخل اللبناني. فلا يخرج منتصراً إلّا مَن أراد سوءاً للبنان وأهله الذين قاوموا جميع المحتلّين وقدموا الشهداء.

أما رفض بكركي الحاسم للرئيس الصوري فهو رفض واضح لا لبس فيه لـ»صورية» الشراكة الوطنية في بعض وجوهها ولهشاشة التفاعل المنتج بين مكوّنات لبنان السياسية والفكرية.

إذ إنّ استمرار قضم الرئاسة رجلاً وموقعاً ينزل منزلة المس المستمر بجوهر الوطن التعدّدي القائم على أنصافٍ ومناصفة لم نعد نعرف بعض معاييرها بعد الخبرات المريرة أثناء الوصاية وما بعدها.

والصراع ليس بين الطوائف أو من أجلها بل هو صراع من أجل إحياء دينامية المؤسسات المتداعية والأصول المعتمَدة من دون احترامٍ للأصول الدستورية والقانونية أحياناً كثيرة.

نعم، ليست المسألة الشائكة متمحورة حول «سلة» مقترحات لا مانع لها في السياسة بل تعوقها نصوص دستورية آمرة لا يمكن أن تبقى أسيرة التجاذب والتوازن السياسيَّين حسب الأجندات والمراحل.

قالت بكركي الكلمة لتشكل جرساً يدقّ في قلوب أهل الداخل وعنواناً يحثّ أهل الخارج لكي يُفرجوا عن الرئاسة وعن المؤسسات وعمّا تبقى من نظام جمهوري شبه برلماني وروح ميثاقية نحتاجها منتفّساً في ظلّ الحروب المشتعلة في المحيط.

وكلما ازدادت فترة الفراغ على غير مستوى، اتّسعت فرصُ دخول لبنان من خلال ملفات مختلفة ومن بينها النازحون في خضم الصراعات التي لا طائل منها والتي ستشكل بلا شك خطراً على الأمن والسلام الإقليميَّين.