Site icon IMLebanon

نداء إلى السُنّة: دافعوا عن حقوق الطائفة قبل فوات الأوان!

 

من حيث المبدأ الوطني، لا ينبغي أن تكون حقوق الطوائف عائقاً أمام حقوق الوطن التي من المفترض أن تكون هي الأساس لدى القيادات السياسية، إلا أنّ الواقع اللبناني طائفيٌ في الأصل بحكم أن الرؤية والصبغة الطائفية تحكُم لبنان في هندسة السلطة فيه منذ استقلاله، وقد باتت مقولة «إرساء التعايش في لبنان» في ظلّ الإفرازات الطائفية مجرد شعار فارغ وممجوج لا يتوافق مع الواقع السياسي في لبنان.

 

وقد وضع اتفاق «الطائف»، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، ركائز النظام السياسي اللبناني الحالي، وأصبح لبنان بموجبه بلداً تحكمه سياسة «التوازن الطائفي» وركيزة «العيش المشترك»، حيث كان من المفترض أن يكون كلّ طرفٍ نداً للآخر في المكتسبات والحقوق والواجبات، بغضّ النّظر عن أحجام الطوائف عدديّاً.

 

لكن ما يجري على أرض الواقع السياسي هو مغاير لروحيّة الطائف، فهناك طوائف وقوى سياسيّة تسعى الى تثبيت قواعد مناقضة لاتفاق «الطائف» لأهداف سياسيّة ومصالح شخصيّة، وهي تسعى بذلك الى انتزاع المزيد من الحقوق والمكتسبات على حساب حقوق الطوائف والقوى الأُخرى، لا سيّما حقوق ومواقع الطائفة السنّية.

 

ومن خلال الممارسات التي تقوم بها بعض القوى السياسية، يبدو جلياً أن هدفها هو إضعاف الوجود السنّي وتجريده من دوره السياسي تلقائياً، تمهيداً لتحويل السُنّة الى الحلقة الأضعف في المعادلة الوطنيّة، وصولاً الى محاولة إخراجهم تدريجياً وفعلياً من الساحة السياسية اللبنانيّة.

 

وهذا الاستضعاف للطائفة السنّية والاستخفاف بها وبرموزها مردُّه الاساسيّ أن جميع الطوائف الأُخرى في لبنان تبنّت نَفَس «الأنا» الطائفية اجتماعياً وسياسياً، باستثناء الطائفة السنّية التي تتمسّك بالاعتدال في التعامل والانفتاح على الآخر، وتقدّم بذلك التنازلات من أجل مصلحة الوطن، الى درجة ان ذلك أدّى في بعض الاحيان إلى شعور بالغبن والإحباط لدى السُنّة، الذين أكدوا دوماً تمسّكهم بالاعتدال العابر للطوائف وبالعيش المشترك، وغياب أي نيّة لديهم لتهميش أحد في الوطن.

 

كذلك تبرز مشكلة السُنّة في كونهم تحالفوا سياسياً مع الآخرين، وتناكفوا في ما بينهُم، ناهيكم عن الضعف الذي اصاب اللبنانيين السُنّة بسبب انتمائهم الى النسيج السنّي العربي الذي يتعرّض منذ أكثر من عقد لعمليّة تطويق وإضعاف واستنزاف ممنهجة.

 

السُنّة يؤمنون بأنّّه لا قيامة للبنان إلا بكافّة طوائفه المُسلِمة والمسيحيّة، ولكن إزاء المساعي الوقحة لإلغاء الدور السنّي، وحتى لا تصبح الطائفة السُنّية ضحيّة «العيش المشترك» الزائف و»التوازن الطائفي» الاستنسابي الذي يأتي على حساب الصلاحيات السياسية للطائفة، والمراكز التابعة لها في الجمهوريّة، وكي لا تكون الحلقة الأضعف في كلّ التحوّلات السياسيّة في الوطن الذي شكّل السُنّة فيه عصبه الأساسي ونسيجهُ التاريخي، لذلك كلّه، لا بُدّ من إطلاق نداءً الى السُنّة في لبنان: دافعوا عن حقوق الطائفة بشتّى الطُرُق قبل فوات الأوان!

 

لقد حان الوقت لأنْ تتبنّى الطائفة السنّية النَفَس الطائفي اجتماعياً وسياسياً، وتُقدّم «الأنا» السنّية أسوة بباقي الطوائف في لبنان، ولكن من دون آفة التطرّف وأسلوب الاستفزاز الذي يمارسه البعض.

 

وتنظيمياً، يجب على الطائفة أن تعمل على إنشاء وتطوير شبكة رعاية اجتماعية ومؤسسات تربوية وتثقيفية وشبابية، تُقدّم الخدمات والمُساعدات.

 

أمّا سياسياً، فيجب رصّ الصفوف وتوحيد الشارع السنّي بكافة مكوّناته الشعبيّة وكتله السياسية ومرجعيّاته بهدف الدفاع عن حقوق الطائفة والتعيينات المُلحقة بها وصلاحيات المقامات السنّية التي يسعى البعض الآخر لانتزاعها، كذلك استعادة ما سُلب منها وإطلاق شعار «حقوق السُنّة»، ولا يعيبُ علينا أحدٌ في ذلك!