Site icon IMLebanon

نداء الى السادة أساقفة الروم الكاثوليك أعضاء السينودس المقدّس

لمناسبة انعقاد سينودس الكنيسة الرومية الملكية الكاثوليكية من اجل انتخاب بطريرك جديد خلفاً للبطريرك غريغوريوس الثالث لحّام، اتوجه بهذا النداء الى السادة مطارنة واساقفة طائفتنا قبل لقائهم في 19 الشهر الجاري، لأعرض لكم بكل وضوح وصراحة وبعيداً عن الكلام المنمق والممجوج واقع التحديات والمشاكل التي تواجهها طائفتنا وذلك من اجل وقف المسار الانحداري التي تعيشه الطائفة منذ فترة.

أصحاب السيادة المحترمين…

المسألة اليوم ليست فقط مسألة انتخاب بطريرك جديد وملء الشغور الناجم عن استقالة البطريرك لحام، وانما هي ايضاً مسألة استعادة الدور والمكانة للطائفة وإدخالها في مرحلة استقرار وازدهار وإعلاء شأنها ورفعها الى مصاف الطوائف الفاعلة والمؤثرة في لبنان.

اولاً على الصعيد الكنسي… لا اريد ولا ارتضي لنفسي التدخل في عملية انتخاب البطريرك ولا في المعادلات والظروف والاعتبارات المؤثرة ولا في الأسماء والمفاضلة بين مطران وآخر، وانما احترم واؤيّد والتزم بأي خيار تأخذونه وانتم الأولى برسالة ومصالح طائفتنا على الصعيد الكنسي.

لكن لا اخفي عليكم سراً ان قلت لكم ان طائفة الروم الكاثوليك في لبنان في حاجة الى مرجعية وقيادة دينية تنشلها من واقع التخبّط والتراجع على الصعيدين الداخلي والوطني، وتضخّ في عروقها دماً جديدة وروحاً جديدة، وتبثّ فيها دينامية وحيوية وتفتح واقعها على آفاق مستقبلية إصلاحية واعدة.

اصحاب السيادة،

اني اصارحكم القول بأنه وايّا يكن جنسية ورهبانية واسم البطريرك الجديد من الضروري الأخذ في الاعتبار اوضاع ابناء طائفة الروم الملكيين الكاثوليك وخصوصياتهم وتمايزاتهم في لبنان ومعرفة ان لهم اوضاعاً وظروفاً خاصة تملي عليه خيارات وسياسات وتوجهات مختلفة عن بقية اخوانهم ابناء الطائفة في البلدان العربية الآخرى والمجاورة.

من هنا فان الترجمة العملية الأولى لمبدأ التنّوع ضمن الوحدة، والتمايز تحت سقف الكنيسة الرسولية الجامعة، تكون بإعطاء صلاحيات لاحد الاساقفة اللبنانيين كي تُتاح له الفرصة والقدرة لإدارة الشؤون السياسية اللبنانية للطائفة بما يؤدي الى مراعاة خصوصياتنا وخصوصية الوضع اللبناني ويساهم في تأمين المصلحة العليا لطائفتنا على المستوى الوطني.

اصحاب السيادة،

مما لا شك فيه اننا على الصعيد الكنسي خاضعون دوماً لمرجعية البطريركية والبطريرك، لكن ما نطرحه اليوم على ابواب انتخاب بطريرك جديد هو مراعاة الواقع السياسي اللبناني بكل خصوصياته وتوازناته وتعقيداته والأخذ في الاعتبار هذا الواقع.

اننا ننتظر ان يحمل هذا الانتخاب املاً جديداً للكنيسة الرومية الكاثوليكية في لبنان لأن الوضع في حاجة ماسّة الى إصلاحات وتحسينات وتغييرات ولم يعد من الممكن تأجيلها او التغاضي عنها او السكوت عنها، كوننا وصلنا الى التحت الذي ليس تحت تحته تحت.

اصحاب السيادة،

ثانياً اصارحكم القول… ان بداية الاصلاح في كنيستنا تكون في طريقة ادارة املاك واموال واراضي وملفات الطائفة بكل شفافية ومسؤولية وبعيداً عن كل اشكال الفساد وهدر اموال الطائفة وبيع املاكها واراضيها، يكفينا ما حصل في السنوات الأخيرة من صفقات وتفريط بمال الكنيسة واملاكها واوقافها.

 ما يجب عمله على وجه السرعة هو وضع حدّ نهائي لحالة التسيّب والفوضى والقضاء على «سوسة» الفساد التي نخرت الجسم الإداري الكنسي، وإبعاد «تجار الهيكل واكلة الجبنة» الذين سبّبوا للكنيسة وللطائفة السوء والأذى على كل المستويات.

اصحاب السيادة…

 اقولها بصوت عال دون ان يرف جبيني نعم يجب وضع حدّ نهائي لهذه المجموعة الفاسدة  والمعروفة بالاسماء، وهؤلاء جميعاً يجب محاسبتهم واسترداد ما أخذوه من مال وباعوه من املاك ومعهم ايضاً هؤلاء الذين تملك الاجهزة الامنية ضدهم ملفات شائنة ومخزية وابعادهم عن البطريركية واداراتها في اسرع وقت ممكن، هذا هو السبيل الوحيد لاسترداد ثقة الناس ببطريركهم الجديد واساقفتهم وطائفتهم وكنيستهم.

اصحاب السيادة،

ثالثاً على الصعيد الوطني … فاني اتوجه اليكم لاقول لكم بكل صدق ودون الانتقاص من مقام احد، هل يُعقل ان تكون طائفتنا غائبة او مغيبة عن الاستحققات الوطنية في هذه الفترة الحساسة من تاريخ لبنان، وهل يعقل ان تكون بعيدة او مبعدة عن ورشة قانون الانتخاب الجديد الذي يعني كل الطوائف اللبنانية، هذه الورشة التي امتدّت لأشهر طويلة ولم يُسمع لنا كل هذه المدة صوتٌ او موقف او رأي فاعل او مؤثر؟ لماذا نحن ساكتون ومتفرجون ومغيبون ؟ لماذا نحن قابلون هذا الواقع؟

صحيح ان مصيرنا كمسيحيين في هذا الوطن واحد، ونحن نعترف ان لا لبنان من دون موارنة وانهم اساس هذا الوطن، لكن على القيادات المارونية عموماً والثنائي الماروني تحديداً ان يعرفوا ان الطوائف المسيحية الأخرى هي سند لهم ويجب مشاركتهم في ما يطرحونه على صعيد المصير والدور والحضور وقانون الانتخابات وغيره.

لن يجوز بعد اليوم بان نكون مغيبين عن الملفات والقضايا الوطنية الاساسية وان تتخذ عنا القرارات والتوجهات السياسية من دون ان يكلف الاخرون انفسهم عناء التشاور مع مرجعيات وشخصيات طائفتنا الروحية والسياسية، فنحن شركاء في صياغة وصناعة الموقف والقرار المسيحي ولسنا تابعين لاحد ولنا دورنا وحضورنا الفاعل والمؤثر ولنا رأينا في كيفية اتخاذ القرارات ووضع السياسات ولنا رأينا وموقفنا من قانون الانتخابات وكل القضايا الوطنية والسياسية الآخرى .

اصحاب السيادة،

رابعاً على الصعيد السياسي … فاننا نسأل لماذا لا يحق لكاثوليكي ان يكون وزيراً على رأس وزارة «سيادية» مثل الداخلية المالية الخارجية او الدفاع ؟ ما هذه البدعة المخجلة؟ هل اصبحنا طائفة درجة ثانية؟ هذا مع العلم ان ابناء طائفتنا الذين كانوا على رأس هذه الوزارات قبل الطائف وبعده نجحوا في مواقعهم واثبتوا انهم رجال دولة وكانوا اصحاب قامات عالية وجباه شامخة وعقول نيرة واصحاب كف نظيف.

اصحاب السيادة…

خامساً على الصعيد الاداري والوظيفي… فاننا نسأل ايضاً لماذا حرمت طائفتنا مراكز اساسية في وظائف الفئة الاولى طبعت بها تاريخياً مثل الامانة العامة لوزارة الخارجية، رئاسة الجامعة اللبنانية، رئاسة اركان قوى الامن الداخلي، قيادة الدرك وغيرها وغيرها من المراكز المتقدمة في الدولة؟ ولم يكتفوا بذلك فقط بل ان طائفتنا تواجه منذ سنوات مؤامرة افراغ ما تبقى لها من مواقع ومراكز عسكرية وادارية واقتصادية، وهم يحاولون اليوم افراغ المجلس الاقتصادي الاجتماعي من مضمونه وصلاحياته.

 اصحاب السيادة،

هذا غيض من فيض مما نتخبط فيه، من هنا تأتي مطالبتنا للبطريرك الجديد باعطاء احد الاساقفة اللبنانيين صلاحيات التعاطي في الامور السياسية والادارية اللبنانية لكي تعود طائفتنا على المستوى السياسي الى صلب المشاركة في القرار الوطني والمعادلة الوطنية وداخل ادارات الدولة.

اصحاب السيادة…

 في الختام اقول لكم ان ابناء طائفتكم يتابعون باهتمام كبير اعمال هذا السينودس المقدس ويصلون الى الله كي يلهمكم حسن الاختيار وحسن التدبير، املين ان يكون انتخاب البطريرك الجديد فاتحة خير وأمل ومدخلاً الى مرحلة جديدة في كنيستنا وطائفتنا على كل المستويات الادارية والكنسية والسياسية والوطنية، وان يضع سينودسكم الموقر حجر الأساس لخريطة طريق هادفة وواعدة توصل الى رد الاعتبار لطائفتنا… والسلام.