Site icon IMLebanon

التفاحة المقدّسة… الخطيئة المقدّسة

لاصدقائنا في النظام. هؤلاء الذين لم تأخذهم اخلاقيات الحرب، وهي اكثر من ان تكون هائلة، الى اقاصي الدم. الذين طالما قالوا لنا ان سوريا، دائما، في القلب…

لاصدقائنا في المعارضة. هؤلاء الذين اخذتهم ظروف قاهرة الى العسكرة، وحتى الى التسكع. الذين ان سقطوا في الغواية، ينتظرون لحظة العودة الى سوريا، سوريا التي يعني اندثارها اندثارهم واندثار العرب…

لا المعارضة التي ترعرعت، عقائديا، وحتى سيكولوجيا، في الاقبية. التي لا ترى في الديمقراطية سوى ديمقراطية القباقيب. في اجتماعاتهم كانوا يتراشقون بالقباقيب. كم كان الكسي دوتوكفيل، مؤلف كتاب «الديمقراطية في اميركا» (1834)، رائعا حين قال ان الديمقراطية مثل اولاد الازقة تربي نفسها بنفسها.

حين قال ايضا«لكنها ليست ثقافة الناطقين باسم…الاحذية»!

اخَذَنا الحديث عن اولئك الذين ترعرعوا في الاقبية ظنا منهم ان الله، وبكل ذلك البهاء العظيم، خرج من هناك. ظنا منهم ان الاذان هكذا «حيّ على قطع الرؤوس». ماذا عن اولئك الذين اندفعوا الى البلاطات والى الارصفة ليجثوا تحت اقدام اولياء الامر؟ اي سوريا يمكن ان يصنع هؤلاء؟

هالنا ذاك الذي كنا نلتقيه في دمشق، وكان يحفظ عن ظهر قلب نظريات انطونيو غرامشي في الماركسية. الآن يسوّق لافكار الداعية الاسلامي الهندي (الباكستاني) ابو الاعلى المودودي، وصولا الى ابن تيمية، وايمن الظواهري…

الرقص حول كومة الحطب. هز البطن في الحرملك، يا صديقنا العزيز محمد الماغوط الذي قال لنا هذه هي دمشق التي تكاد بالياسمين ان تجرح قميص محيي الدين بن عربي…

ألم تقل في يوسف العظمة «الياسمين، الجمر،الدم حين يغضب»وقلت «يا لكأس النبيذ في حضرة مولانا». ضحكت كثيرا حين قرأت ما كتبته عن بيسمارك، وقلت «الله يحبنا نحن السكارى و…الغاوون».

سوريا الابداع، وضفاف بردى التي كأنها ضفاف الروح، لا سوريا اولئك الذين، كما القباقيب، في ارجل من يوزع عليهم الاموال، ومن يوزع عليهم الاوامر ليقتلوا سوريا واهل سوريا، ومستقبل سوريا…

ليقولوا لنا، من هو «النجم الساطع» في المعارضة، لوران فابيوس ام برنار- هنري ليفي، ام جون ماكين؟ ذاك النوع من المعارضة المصنعة التي لا تنتج سوى الحرب الاهلية (اللااهلية)، هذا ما حدث…

عشية العام السادس للجحيم، اي علاقة لرياض حجاب، ولخالد خوجة، ولعبد الباسط سيدا، والان لانس العبدة بالناس الذين في سوريا، وبالتراب الذي في سوريا، ولما وصفه ادونيس بـ«عبقرية الازل» في سوريا التي انتجت ستة اباطرة لروما. كيف للتي انتجت الاباطرة ان يحكمها شيوخ القبائل وشيوخ الطرق؟

معارضة ومدت يدها (وظهرها) الى الخارج. قال الفرنسي اوليفيه روا «من اللحظة الاولى راحوا يتصارعون على من يقطف التفاحة المقدسة»، اي السلطة. التفاحة المقدسة ام الخطيئة المقدسة؟

بالعيون البلهاء تصوروا ان القاذفات الاطلسية، والدبابات التركية والعربية بطبيعة الحال، ستشق الطريق امامهم الى دمشق. صديق معارض وبات خارج الاوكسترا التي وصفها بـ «اوركسترا الذباب» حول الطبق الفارغ، قال لنا انه منذ الاسبوع الاول لتشكيل «المجلس الوطني راحوا يحيكون المؤمرات والسيناريوات ضد بعضهم البعض. من يأكل من؟…

خطأ ان ينظر النظام ، وان لم يكن في احسن احواله، وهو الذي على كاهله العبء التاريخي، والعبء الاخلاقي، والعبء السياسي، باعادة سوريا الدولة وسوريا الدور، ان يسقط الاخرون في الميدان او على الطاولة، لان الدولة لكل اهلها، ان اوغلوا في الخطأ او اوغلوا في الخطيئة…

المعارضة إما في حال القهقرى، او في حال التشتت، او في حال التيه. النظام هو الذي ينقذها، اجل ينقذها، ولقد شاهدنا الكثيرين وهم «يعودون» او على الاقل يستذكرون الايام الجميلة. الكل يعودون…

ايها السادة اهل النظام. الحاجة ( تاريخية) الى اللحظة الكبرى. كلام الى المعارضة، حتى الضائعة على الارصفة او عند الابواب، تعالوا الى سوريا. الوقت حان ليكون الجميع يدا واحدة لان الخراب الذي ضرب سوريا خراب لا مكان له الا في الجحيم…

اقرأوا جون لوك وتأملوا بما يقوله في العقد الاجتماعي!