IMLebanon

طارت آلية التعيينات الإدارية… ولن تغط!

 

لم يفاجأ العونيون بقرار المجلس الدستوري القاضي بإبطال قانون آلية التعيينات في الفئة الأولى “لمخالفته الدستور”. كما لم يفاجأوا بالاجماع الذي ناله القرار من كون المخالفة واضحة بنظرهم وضوح الشمس، تراها القوى التي صوتت مع القانون قبل غيرها، لكنها تعامت عن هذه الحقيقة، كسباً للشعبوية. وها هو “المجلس” يعيد تصويب البوصلة، كما يقول هؤلاء.

 

كما لم يُصَب خصومهم بأي صدمة. بدا القرار بالنسبة إليهم تأكيداً أنّ “مونة” العهد على المجلس الدستوري “حاضرة بقوة”، ولا تحتاج إلى مراجعة توضع أمامه ليتم ابطالها سريعاً… حتى لو كانت آلية إصلاحية تحفظ ماء وجه العهد بعد كل التعثر الذي أصابه!

 

بالنتيجة، طارت الآلية… وقد لا تغطّ من جديد، خصوصاً وأنّ المواكبين للقانون حين كان لا يزال في مطبخ اللجان، يؤكدون أنه شهد الكثير من النقاش والأخذ والرد والتنقيب عن سبل حمايته من التعرض للطعن، خصوصاً وأنّ تقييده لعمل الوزير ضمن آلية ملزمة، فيه مخالفة صريحة وصارخة للدستور، وقد حاول النواب المتحمسون للقانون، البحث عن سبل تقيه هذا المطب ولكن من دون جدوى، فوقع فيها من جديد وهذا ما أدى إلى ابطاله من جانب المجلس الدستوري بأغلبية معبّرة. ولذا ثمة صعوبة في تعديل الآلية بشكل يسمح بعدم تعرضها للطعن من جديد.

 

ولكن على مقلب المتحمسين للقانون، المسألة مختلفة تماماً. وفق هؤلاء، فإنّ وصم القانون بسمة مخالفة الدستور فيه انتقاص فاقع لكل التعيينات التي جرت على أساس الآلية التي سبق ووضعها الوزير السابق محمد فنيش، على اعتبار أنّ القانون المطعون فيه يعتمد الآلية ذاتها، وبالتالي هل كان الأخذ بها من دون قانون، غير مخالف للدستور، وصار اليوم كذلك؟

 

يشير أحد نواب “القوات” من الذين اشتغلوا على القانون إلى أنّ الكتلة ستقوم بسلسلة زيارات لكل الكتل التي أيدت القانون للوقوف على رأيها والتنسيق في ما يتصل بالمرحلة المقبلة وذلك بعد الاطلاع عن كثب على المواد التي استند إليها المجلس الدستوري في إبطاله والحيثيات التي وردت في الرد وكيف برّرها وعللها ومكامن التجاوزات، وذلك قبل وضع صيغة جديدة تراعي الجوانب الدستورية، ولو أنّنا مقتنعون أنّ القانون لا يمس بالدستور.

 

ويقول: “من الطبيعي ألّا نقف مكتوفي الأيدي ولن نسمح بإبقاء التعيينات الإدارية عرضة للمحاصصة والتبعية السياسية، وبالطبع لم يعد القانون ملكاً “للقوات” لا بل صار قضية إصلاحية سندافع عنها بكل إيجابية بلا كيدية، وسنكشف كل من لا يريد السعي معنا إلى تغيير ذهنية التعاطي مع منطق الدولة”.

 

على الضفة المقابلة، النصوص واضحة جداً بدليل مسارعة المجلس الدستوري إلى إبطال القانون. يقول أحد النواب العونيين إنّ “قرار المجلس لم يكن مفاجئاً، وليُسأل النائب سمير الجسر عن الموقف الذي أدلى به خلال الجلسة التشريعية حيث تحدث بشكل صريح عن مخالفة دستورية نبّه إليها وقد سمعه كل النواب. لكن المزايدات الشعبوية دفعت بهؤلاء إلى تجاهل هذا التحذير والتصويت مع القانون. ولذا سارع رئيس الجمهورية ميشال عون المؤتمن على الدستور إلى الطعن بالقانون”.

 

ويدعو النواب العونيون المتحمسون للآلية إلى تعديل الدستور أولاً لجهة مراجعة صلاحيات الوزير ومن ثمّ اقرار القانون، مؤكدين أنّ طابعها الإلزامي هو الذي يميزها عن الآلية التي كانت معتمدة في الحكومات السابقة، مشيرين إلى أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يقرّ أنه اعتمدها أكثر من مرة، ولكن مجرد تحولها إلى آلية ملزمة مغلقة، يعرضها للكثير من العراقيل.

 

ويشير هؤلاء إلى أنّه بمعزل عن تعرضها لصلاحيات الوزير، فإنّ تحول الآلية إلى معبر إلزامي قد يجعلها عرضة للكثير من العوائق والاشكالات التي ستظهر خلال التطبيق. على سبيل المثال لا الحصر، ماذا لو تقدم عشرة مرشحين شيعة لموقع مدير عام المالية مقابل ثلاثة مرشحين موارنة، وحلّ المرشحون الشيعة في المراتب الأولى، كيف يمكن مراعاة الميثاقية؟ ما الذي يضمن أن تكون اللجنة الفاحصة، المسيّسة أصلاً، موضوعية ومستقلة في قراراتها؟ بنظرهم هذه واحدة من العوائق التي قد تواجه الآلية بصفتها الملزمة.

 

يقولون إنّ كل دول العالم تعتمد منطق فريق العمل الذي يواكب أي عهد جديد حتى لو جرى وضع آلية غير ملزمة تبقي هامش الحرية أمام الوزير متاحاً. بالنتيجة، يتحمل كل فريق مسؤولية وثمن اختياراته في التعيينات، وهنا الأساس.