Site icon IMLebanon

التعيينات تعمق الشرخ بين التيار والقوات

 

 

على وقع التصعيد الإسرائيلي الذي ينذر بمواجهة محتملة بدءاً من حدود قطاع غزّة مروراً بتطورات الجولان المحتلّ، وصولاً إلى الغارات الجوية التي تنفذها طائرات العدو في العمق السوري، بمباركة أميركية مطلقة واحتمال انعكاس هذا التصعيد على حدود لبنان الجنوبية، عادت القوى السياسية الى معترك الخلافات السياسية فيما بينها، وتعميق الشرخ على كلّ المستويات، انطلاقاً من المقاربة المختلفة حول خطّة الكهرباء التي قدّمتها وزيرة الطاقة ندى البستاني، والتي تحظى الى حدّ كبير بموافقة رئيس الحكومة سعد الحريري وفريقه السياسي، وتعاطي حركة «أمل» معها بإيجابية، مقابل رفض واضح لها من قبل «القوات» التي تمانع زيادة أي تكاليف على الخزينة في المرحلة الحالية، لا سيما الاعتماد على البواخر في الفترة الفاصلة عن بناء المعامل، واعتراض مطلق من قبل الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي يعتبر أن الخطة تلحظ حلولاً مؤقتة، ويشدد على أن تعيين الهيئة الناظمة للقطاع ومجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان، يجب أن يكونا مقدمة لأي خطّة بناءة.

 

وفي خضم الخلافات السياسية الضيقة، برز ما أعلنه نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج عن أن لبنان «لم يفعل ما يكفي» لسن إصلاحات اقتصادية، مشيرا إلى «تحد وشيك» يتمثل في احتواء ديونه الضخمة. واعتبرت مصادر مطلعة أن موقف بلحاج هذا يؤشر الى مستوى الأزمة التي نرزح تحتها والتي تهدد بفقدان مشاريع وأموال «سيدر». وقال مصدر نيابي ان الأزمتين المالية والاقتصادية تستفحلان والمطلوب ما هو ابعد من الاجراءات التقشفية لجهة اجراءات غير شعبية لجهة خفض عدد الموظفين في القطاع العام وخفض رواتبهم، لافتا الى انه في حال عدم اللجوء الى هذه الخيارات فورا فقد نكون على موعد مع الانهيار.

 

وبالعودة الى الكباش الداخلي، لا يخفي مراقبون للتطورات، أن الخلاف على ملف الكهرباء، ليس الا غطاء للصراع القائم على مستوى التعيينات في المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية والإدارية، وهو ما عبرت عنه مصادر «القوات اللبنانية» التي سألت «عمّا إذا كان البعض وحده الممثل للمسيحيين في السلطة، ويتعاطى مع المكونات المسيحية الأخرى كونها صفراً على الشمال؟». وشددت المصادر على أن حزب «القوات» «يراهن على أن تكون التعيينات مرتكزة على معايير العلم والكفاءة والنزاهة، وعبر آلية واحدة هي مجلس الخدمة المدنية، لكن إذا بقي اتمام التعيينات انطلاقاً من معيار الانتماء الحزبي، فإن الجميع بمن فيهم «القوات اللبنانية» سيطالبون بحقهم الطبيعي في تمثّل المحسوبين عليه بهذه التعيينات».

 

ولا يبدو أن التيار الوطني الحرّ في صدد التراجع عن خطة الكهرباء المقدمة من الوزيرة البستاني، وأوضح مصدر في التيار أن «الخطّة ستقرّ، ليس من مبدأ التحدي وفرض أمر واقع على الأطراف الأخرى، بل لأنها خطّة علمية وشفافة ومحددة زمنياً»، متوقعاً إقرارها لدى اللجنة الوزارية الأسبوع المقبل لعرضها على مجلس الوزراء والتصويت عليها. وتخوّفت مصادر التيار الحرّ، أن يكون «وراء محاولة إفشال خطة الكهرباء، خطة لإفشال العهد، وعرقلة مسيرة الرئيس ميشال عون، والقول للبنانيين إن الرئيس عون أنهى ولايته الرئاسية ولم ينجح في ايصال الكهرباء الى الناس».

 

ورغم تلهّي المسؤولين بخلافاتهم الداخلية، تشقّ إجراءات مكافحة الفساد طريقها بقوة، عبر استمرار حملة التوقيفات التي تشمل موظفين في الإدارات المدنية والعسكرية، على خلفية دفع وقبض ورشى مالية، ومزيد من المعلومات التي تتحدّث عن كفّ يد قضاة عن ممارسة عملهم، وإحالة عدد ليس بقليل على التفتيش القضائي. الا ان مصادر سياسية تخوفت من أن «تقتصر معركة الفساد على بعض الموظفين، في حين أن الفساد الأكبر يكمن على مستوى قوى السلطة التي تستبيح الدولة، لحساب مزارعها وتحويل البلد الى اقطاعيات طائفية ومذهبية وحتى سياسية داخل المذهب الواحد». وشددت على أن «المشاريع الإصلاحية المطلوب من الحكومة تنفيذها كشرط للبدء بترجمة مقررات مؤتمر «سيدر»، لا تترجم على أرض الواقع»، مشيرة الى أن «هذه القوى تتصارع منذ الآن على تقاسم جبنة أموال «سيدر» عبر تلزيمات لشركات تابعة لهذا الفريق السياسي أو ذاك».

 

وإذا كان ثمة تناغم بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»ّ، حول خطة الكهرباء، فإن التيار الأزرق يبدو أقرب الى وجهة نظر «القوات اللبنانية» في مسألة التعيينات، وهذا ما برز في كلام وزير الإعلام جمال الجراح، الذي أدلى به خلال زيارته رئيس «القوات» سمير جعجع في معراب، وقوله «نحن أمام مرحلة تعيينات جديدة، فإما أن تعتمد الآلية في جميع التعيينات أو لا تعتمد». ورأى أنه «حتى الآن لا قرار نهائياً وواضحاً في مجلس الوزراء إزاء هذه المسألة». وأثنى الجراح على الآلية التي اعتمدها سلفه الوزير السابق ملحم الرياشي من أجل تعيين رئيس مجلس إدارة لـ«تلفزيون لبنان».

 

وفي خضم الملفات المتزاحمة، باتت الانتخابات النيابية الفرعية في طرابلس من دون معركة حقيقية، ما يعني أن الفوز بات شبه محسوم لمرشحة تيار «المستقبل» ديما جمالي، التي تحظى بدعم تيار الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي، بعد عزوف مسؤول جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في طرابلس طه ناجي عن الترشح. وقال ناجي في مؤتمر صحافي عقده أمس «لن أترشح للانتخابات الفرعية في طرابلس، ولن نعطيهم (المستقبل وحلفاؤه) اعترافاً بقرار ظالم، ليس خوفاً من تجمعهم، إنما وقفة حرّ أسقطه أصحاب نفوذ ومن وقّع على القرار الظالم». ويبقى في منافسة ديما جمالي ثلاثة مرشحين هم النائب السابق مصباح الأحدب الذي تقدّم بطلب ترشحه أمس، وسامر كباره وبسام مولود مرشّح حزب سبعة والمجتمع المدني.