Site icon IMLebanon

التعيينات في حكومة سلام: حلحلة أم مشروع تفجير؟

شواغر بالجملة في العسكر والإدارة

التعيينات في حكومة سلام: حلحلة أم مشروع تفجير؟

هل تطلق تعيينات لجنة الرقابة على المصارف «قريحة» حكومة تمام سلام فتدخل مجدداً مدار ملء الشواغر في العسكر والادارة، أم ان «نعمة» الآلية الحكومية الجديدة لم تحلّ سوى على القطاع المصرفي؟

«فلتة شوط» لجنة المصارف تبدو حتى الساعة يتيمة. في الكواليس لا حماسة حتى الآن للدفع باتجاه إقرار المزيد من التعيينات الادارية، وجدول أعمال مجلس الوزراء يوم أمس كان خاليا من أي بند تعيين. أما التعيينات الامنية فمسألة أخرى.

أول الاستحقاقات المقبلة تعيين مدير عام قوى الامن الداخلي خلفا للواء ابراهيم بصبوص (التمديد لمدير المخابرات العميد أدمون فاضل تحصيل حاصل).

وفيما يبدو ان الضجة التي يثيرها «التيار الوطني الحر» بشأن التمديد الثاني المحتمل لقائد الجيش أكثر بكثير من تلك التي ترافق تعيين خلف بصبوص، فإن أحد وزراء «تكتل التغيير والاصلاح» يؤكّد «ان التمديد للواء بصبوص، الذي نعتبره من أكفأ الضباط، غير مطروح حتى الآن إلا في الاعلام ولم يفاتحنا أحد بالموضوع. لكن بالنسبة لنا لا مجال لبتّ هذه المسألة إلا على طاولة مجلس الوزراء، حيث لا يحق لأي وزير ان يتفرّد بقرار كهذا ويختزل دور مجلس الوزراء، إن كان وزير الدفاع في ما يتعلّق بقائد الجيش أو وزير الداخلية في ما يتعلق بمدير عام قوى الامن الداخلي. فليعرضوا الاسباب الموجبة لأي تمديد على مجلس الوزراء، ونناقش المسألة داخل الحكومة ثم نتّخذ القرار».

بعد نحو شهر ونصف فقط من ولادة حكومة تمام سلام في 15 شباط 2014 أصدر «مجلس التوافق»، قبل اسابيع من مغادرة ميشال سليمان القصر الجمهوري، اول دفعة من تعيينات جاءت بالقطّارة، ثم استتبعت بدفعتين جديدتين أقفلت معهما ابواب التعيين على مستوى موظفي الفئة الاولى الى ان كسرت تعيينات لجنة الرقابة على المصارف عرف التمديد الضارب في المؤسسات.

الدفعة الاولى من التعيينات التي أتت في زمن التقارب العجائبي بين العماد ميشال عون و «تيار المستقبل» لم ترض العونيين. عشرة اسماء من اصل عشرات المراكز الشاغرة في المؤسسات والادارات العامة التزمت معيار المناصفة، لكنها أتت بـ «سمنة» واخرى بـ «زيت».

فتعيينات «باب اول» شملت مواقع أساسية من حصة المسلمين، ومنها: المدعي العام التمييزي سمير حمود والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص ورئيس ديوان المحاسبة القاضي احمد حمدان ومحافظ الجنوب منصور ضو.. فيما اقتصرت التعيينات المسيحية على مراكز غير أساسية، أهمها: المدير العام لمكتب الحبوب والشمندر السكري حنا العميل، ورئيس المؤسسة الوطنية للاستخدام جوني أبو فاضل، ورئيسة مؤسسة المقاييس والمواصفات لانا درغام، فيما أعيد تعيين الدكتور كمال حايك رئيساً لمجلس الادارة ــ المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان.

الغلّة إذاً كانت محبطة. أكثر من ذلك، كان على العونيين ان يتذكّروا ان في حكومة كان لهم فيها عشرة وزراء، بشريك مضارب واحد هو رئيس الجمهورية، (حكومة نجيب ميقاتي) لم يتمكّنوا من تمرير تعيين واحد يدفعهم الى رفع شارة النصر، وبأن المعركة التي خاضوها سابقا من اجل استعادة موقع المديرية العامة للامن العام الى حضن المسيحيين سوّدت وجوههم مع رجل أثبت انه في المكان المناسب وعابر للاحزاب والطوائف والمحسوبيات.

دفعتان ثانيتان من التعيينات أصدرتها حكومة سلام قبل نهاية ولاية ميشال سليمان بأيام تمّ من خلالها إرضاء الخواطر وتوسيع رقعة ملء الشواغر. أهمها كان تعيينات المحافظين والمدراء العامين، فيما بدا لافتا الالتزام بالتوزيع الطائفي والمذهبي للمواقع، باستثناء ثلاثة مراكز اعتمدت فيها المداورة (المديرية العامة للاحوال الشخصية انتقلت من السنّة الى الموارنة، والمديرية العامة للمجالس والادارات العامة في وزارة الداخلية من الارثوذكس الى السنّة، والمديرية العامة لهيئة إدارة السير من الموارنة الى الارثوذكس).

كان من الصعب حجب حقيقة ان ما أنجزته حكومة «البيك» في مدة قياسية لم تتعد الخمسين يوماً، تجاوز بأشواط ما أنجزته حكومتا سعد الحريري ونجيب ميقاتي في خمس سنوات!

مع مغادرة سليمان قصر بعبدا كان في سلّة حكومة سلام نحو 40 تعيينا من موظفي الفئة الاولى. لكن بعدها، وتحت مظلة «حكومة الرؤساء»، تعقّدت الامور أكثر، فأصبح تعيين حاجب يكلّف سلام نوبات متتالية من «الضغط» والتعصيب، والتعيينات الامنية والعسكرية والادارية تنتظر حلا شاملا للملف النووي!

بالتأكيد كان لـ «سحر» التوافق على التعيــينات لدى انطلاقة الحكومة ما يبرّره داخليا ويدعمه خارجيا. سلام، كما بقــية القوى داخل الحكومة، كانوا يستثمرون في الايام الاخيرة لولاية سليمان مسلّمين بأن المناخ الحكومي السلِس قد تضــربه عاصفة التــعطيل بعد انتقال صلاحيات رئاسة الجمــهورية الى مجــلس الوزراء مجتــمعا. وبالفعل، بعد 24 أيار، أعــدّت مراســــم دفن حكــومة التوافق ليدخل الجميع مدار حكومة النكايات والمراسيم المجمّدة في المنازل والمطــاعم والحمّامات!

عانى سلام الامرّين الى ان صعد «الرؤساء» في حكومة سلام قطار التعيين مجدّدا، فتمّ التوافق في منتصف آذار الماضي على أسماء أعضاء لجــنة الرقابــة على المصــارف تحت مظــلة آلية العمل الحكومي الجديدة.

وفيما كانت فرضية التعيين تتقدّم على فرضية الفراغ أو التمديد للجنة، كان موقف وزير المال علي حسن خليل حاسما بأن التمديد للجنة الحالية غير ممكن قانونا، مؤكدا أنه «لن يرتكب أي مخالفة» في هذا السياق. مع العلم ان أعضاء اللجنة سيمارسون مهامهم قبل أداء القسم أمام رئيس الجمهورية الجديد.

ارتفاع مؤشر تحسّن إنتاجية الحكومة دفع العديد من الجهات الى تعميم احتمال سير حكومة تمام سلام في إصدار دفعات جديدة من التعيينات، لكن عمليا لا مؤشّرات جدية توحي بذلك.

يمكن فرز هذه التعيينات بين فئتين: الاولى تطال مراكز أمنية وعسكرية حسّاسة إضافة الى تعيين أمين عام مجلس الوزراء خلفا للقاضي سهيل بوجي الذي تنتهي مهامه في 26 نيسان المقبل. والثانية تطال اكثر من 30 مركزا شاغرا في الادارات والمجالس والمؤسسات العامة.

الفئة الاولى تبدو الاكثر تعقيدا ولا يمكن فصلها عن مسار التطورات على الحدود اللبنانية وخارجها. فحكومة سلام تتنازعها حاليا ضغوط من الجانبين، قد تعيد «تشليع» ابواب التوافق داخلها، بين مؤيّد لتمديد ثان لقائد الجيش (في حال استمرار الشغور الرئاسي الى ما بعد ايلول 2015 تاريخ نهاية ولاية قائد الجيش الممدّدة لسنتين) ورافض كلّيا لهذا الخيار وعلى رأسه ميشال عون، كذلك الامر بالنسبة لتعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي خلفا للواء ابراهيم بصبوص الذي يحال الى التقاعد في 5 حزيران.

يضاف اليهما تعيينات اعضاء المجلس العسكري الستة (رئيس المجلس قائد الجيش الممدّد له، ورئيس الاركان الممدّد له، والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع الممدّد له، المفتش العام، مدير الادارة، عضو المجلس المتفرّغ)، ومدير المخابرات في الجيش، وبعض أعضاء مجلس القيادة في قوى الامن الداخلي.

أما الشغور في الادارة فلا يزال يطال مفاصل عدّة ويشمل أكثر من 30 موقعا، فيما بعض موظفي الفئة الاولى يتمركزون في مناصبهم منذ العام 2005: المدير العام للتنظيم المدني، المدير العام للشؤون الاجتماعية، رئيس هيئة اوجيرو، الامين العام لمجلس النواب. أما المدير العام لوزارة المهجرين فلا يزال في منصبه منذ العام 2002.

ومن الشواغر رئيس مجلس الانماء والاعمار (مستمر في مهامه بعد انتهاء ولايته عام 2009) ونائبه والامين العام للمجلس، رئيس الهيئة العليا للاغاثة (يشغلها مؤقتا اللواء محمد خير الممدّد له) المدير العام للطيران المدني، المدير العام للمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (انتهت ولايته منذ 2009)، المدير العام لشؤون اللجان والجلسات في مجلس النواب، المدير العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، المدير العام للشؤون العقارية، المدير العام للطرق والمباني، المفتش العام في التفتيش المركزي…