Site icon IMLebanon

تخوف استخباري من ان تصبح لـ«داعش» قاعدة في لبنان تماماً كما فعل في سوريا

تحول تشغيلي في استراتيجية التنظيم: الضربات المشهدية مستنسخا اسلوب «القاعدة»

تخوف استخباري من ان تصبح لـ«داعش» قاعدة في لبنان تماماً كما فعل في سوريا

«داعش» يستخدم مناطق مسيحية أماكن آمنة تأوي عناصره  تكون منطلقا للتخطيط والتنفيذ

كل الانطباعات (اللواء 24 تشرين الاول) كانت تشي بأن المسرح الباريسي جاهز لكي يؤدي تنظيم «داعش» رقصة الموت. من الاجراءات الامنية والعسكرية المصاحبة للحظة دخول الزائر الى مطار شارل ديغول، الى الدوريات التي تجوب قاعات الانتظار في المطار، وتلك التي تمشّط ساحات باريس وجاداتها المترامية الاطراف. ورغم كل الاجراءات الوقائية، وقع الاعتداء الذي سارع داعش الى تبنيه، في اول إشارة الى التحول في نمط عمله.

يقول تقرير استخباري ان «الدينامية التي إتّصف بها تنظيم داعش من تفجير الطائرة الروسية في سيناء الى الاعتداءات الستة في باريس، وبينهما التفجير المزدوج في برج البراجنة، وهذه الهجمات هي الاكبر خارج ما يسمى دولة الخلافة في العراق وسوريا، تعني شيئا واحدا، وهو ان التنظيم نشّط خلاياه النائمة في 3 قارات حتى الآن».

ويشير الى ان داعش، منذ اعلان الخلافة في حزيران 2014، «هدد مرارا بأنه سينفذ هجمات على كل من يعتبره عدوا له خارج دولته في العراق وسوريا من خلال استخدام ما يتوافر له من خلايا نائمة. ورغم هذا التهديد الذي اخذته الاجهزة الاستخبارية الغربية على محمل الجد، بقي حتى الاسابيع القليلة الفائتة مجرد كلام، لا بل ان بعض الجهات الغربية المعنية بمكافحة الارهاب كانت تعتقد ان داعش غير قادر على الفعل، وربما هو غير راغب في ذلك، وان جل ما سيفعله هو تشجيع افراد ينتسبون اليه او الى فكره، على القيام بعمليات تعرف بـ «عمليات الذئاب المستوحدة» lone-wolf operations، من دون ان ترتبط بقرار مركزي للتنظيم. غير ان الهجمات الاخيرة تؤشر الى تحول دراماتيكي في استراتيجية داعش الذي على ما يبدو اتخذ قرارا صارما بفتح جبهة مشرعة ضد التحالف الدولي الذي يعمل على هزيمته».

ويرى التقرير ان «قرار التنظيم فتح هذه الجبهة من شأنه ان يصعّب مهمة التحالف الدولي في القضاء عليه. كما ان هذا التحول التشغيلي يعني ان داعش قرر تزخيم عملياته التخريبية في العالم أكثر بكثير مما كان عليه الامر سابقا، مع ما يعني لهذا التحول الدراماتيكي من ارتدادات وارهاصات، ربما تتعدى الخطر الذي سبق ان شكله تنظيم القاعدة على النظام العالمي:

1-اعتمد تنظيم القاعدة، منذ نشأته مرورا بذروته (احداث الحادي عشر من ايلول 2001) حتى الامس القريب (هجومه على صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة)، ترويع الغرب، من خلال عمليات ارهابية تقوم بها شبكات عنقودية لا تتبع امرا مركزيا، ترتبط فكريا بالتنظيم من دون ان تكون بالضرورة مرتبطة به تنظيميا. وادت الاجراءات الدولية، وخصوصا تلك المرتبطة بتجفيف منابعه المالية، معطوفة على محاولة استقطاب او استيعاب مجموعات ارتبطت به (حركة طالبان)، الى انحسار خطره من دون ان يصبح معدوما.

2-ظلّت اولوية تنظيم داعش، منذ تأسيسه، اقامة دولة الخلافة، ثم توسيعها. وظلت هذه الحقيقة قائمة حتى اعتداءات باريس التي نفذها رغم عام كامل من الضربات الجوية لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، ورغم الحرب الجوية الروسية في سوريا. وباتت عواصم عدة على قناعة انها في دائرة الاستهداف، في مؤشر الى ان التنظيم ينمو بسرعة ليصبح أكثر فاعلية في استخدام ما يتوافر له من موارد. هو إنتقل من عمليات الذئاب المستوحدة الى العملية المخطط لها بقرار مركزي. واستطاع في الاعوام الثلاثة الفائتة إنشاء شبكة واسعة من الخلايا المنتشرة في انحاء العالم، بمهام تشبه الى حد كبير مهام وحدات الاحتياط في الجيوش النظامية، التي يجري تحضيرها للتدخل حين تحين اللحظة. أما مرد التحول التشغيلي في استراتيجية داعش، فهو على الارجح، خسارته مساحات نفوذ وسيطرة في العراق وسوريا بسبب الحملات الدولية ضده، مما جعله يتبنى او يستنسخ اسلوب القاعدة القائم على الضربات المشهدية المذهلة التي تسهم، في أحد وجوهها، في اخفاء عيوبه ونواقصه (خسارة المساحات) او حجبها».

ويلفت التقرير الى ان «احد ابرز عوامل نجاح عملية باريس يكمن في ان داعش يضم قرابة 1000 مقاتل فرنسي شاركوا او يشاركون في القتال في سوريا والعراق، اكثر من نصفهم لم يكن معروفا للسلطات الامنية الفرنسية قبل سفره للإلتحاق بالحرب. ويرتبط كثر من هؤلاء بشبكات الإرهاب داخل فرنسا، في حين ان قسما منهم عاد من سوريا للاسهام في هجمات على الاراضي الفرنسية بمجرد تلقي الأمر، مما يعني حكما ان الخطر الارهابي بات يتهدد فرنسا من الداخل، ولم يعد مرتبطا بتقدم الحرب على الارهاب في سوريا والعراق».

وينتقل التقرير الى التفجيرين المزدوجين في برج البراجنة، ليشير الى ان داعش بات يشكل تهديدا مباشرا للامن القومي اللبناني، بعدما سبق له ان اعتبر لبنان ساحة جهاد لا نصرة. وهو «حقق ضربة موجعة رغم الجهد الذي تبذله الاجهزة الاستخبارية والامنية اللبنانية التي استطاعت تفكيك عشرات الشبكات والخلايا الارهابية. وفي ظل الحملة الجوية الروسية في سوريا، تخشى اجهزة استخبارات غربية ان تصبح لداعش قاعدة في لبنان، تماما كما فعل في سوريا، مع ملاحظة هامة بأن التنظيم يستخدم مناطق مسيحية (جونية في القلب المسيحي في قضية الانتحاري ابراهيم الجمل الذي كان يتردد على شقة في المدينة واعتقلته القوى الامنية قبل تفجير نفسه في جبل محسن، والاشرفية حيث استخدمت شقة في السوديكو قرب كنيستي القديس انطونيوس وسيدة البشارة وجامعة القديس يوسف كمركز لوجستي لتنفيذ عملية برج البراجنة) اماكن آمنة تأوي عناصره، وتكون منطلقا لأعمال التخطيط والتجهيز والتنفيذ».

ويخلص الى ان النمط الحالي يؤشر حقيقة الى ان «الحجم المذهل للقتل والدمار الذي عاينه العالم في باريس وبيروت، مجرد بداية في مسار الجبهة التي فتحها داعش ضد العالم»!