ما من مواطن لبناني لا يعرف من المسؤول عن بقاء أزمة الاستحقاق الرئاسي تتدحرج من منزلق الى آخر، وما من مواطن لبناني لا يعرف بأن حزب الله وشريكه التيار الوطني الحر هما المسؤولان المباشران عن الاستمرار في تعطيل هذا الاستحقاق وربط لبنان بالأزمة السورية وبكل ازمات المنطقة ايضا الممتدة من العراق إلى ليبيا فاليمن ومملكة البحرين، حتى ان الحزب وشريكه لا ينفيان هذا الأمر، بل يؤكدان عليه في مواقفهم المعلنة، وفي ممارساتهم العملية لجهة مقاطعة جلسات الانتخاب التي تجاوزت السبع والثلاثين جلسة خلافاً لكل القوانين والأعراف والنصوص الدستورية.
ويعرف الحزب والتيار انهما المسؤولان المباشران عن إبقاء الأزمة الرئاسية معطلة وإبقاء الوضع العام في البلاد يتدهور من سيىء إلى أسوأ، من دون ان يبادرا إلى تغيير سلوكهما أو التقدم خطوة واحدة، في اتجاه الفريق الآخر الذي يبذل قصارى جهوده لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي وإعادة انتظام المؤسسات الدستورية وسد كل الثغرات التي تنفذ منها أزمات المنطقة، ومع ذلك يرفضان الاقدام على مثل هذه الخطوة، لحساباتهم الإقليمية وارتباطهم العضوي بالدولة الإيرانية التي تعتبر لبنان جزءاً اساسياً من منظومتها في المنطقة، وتستفيد من إبقاء وضعه مهزوزاً وغير مستقر بل في حالة تدهور من سيىء إلى أسوأ لاستخدامه ورقة قوة في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة الأميركية التي لم تبدأ بعد بشكل جدي رغم مرور بضعة أشهر على التزامها بالاتفاق النووي وتطبيق كل بنوده.
لكن الحزب والتيار في مقابل تقدمهما خطوة في اتجاه الفريق الآخر يشترطان عليه تسليم كل اوراقه بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية رغم كل الملاحظات والفيتاوات الإقليمية والدولية عليه والتسليم بالنفوذ الإيراني في لبنان وأكثر من ذلك القبول بمصادرتها لهذا البلد تحت عنوان الحفاظ على نفوذها كدولة إقليمية عظمى، وهذا ما أدى إلى ان تبقى الأزمة الرئاسية عالقة ويبقى لبنان معلقاً على شماعة الأزمة السورية وحتى الأزمات الأخرى التي يعيشها الإقليم. الأمر المفروض لأنه يعني الاستسلام وإبقاء لبنان منطقة نفوذ إيراني عبر سيطرة حزب الله على قراره بدءاً من رئاسة الجمهورية وانتهاء بمجلس النواب والحكومة التي عادت إلى الشلل بعد ان وضعت على سكة التقليع وانتظام جلسات مجلس الوزراء ولو في حدوده الدنيا.
ورغم هذه الصورة السوداوية للوضع الداخلي لا يزال هناك بريق أمل يطل من خلال الجدية في الاتفاق الروسي – الأميركي على وضع حدّ للنزاع القائم في سوريا بين النظام المدعوم من إيران وحزب الله ومعهما التيار الوطني الحر وما يتردد عن لقاء منتظر بين العاهل السعودي والرئيس الإيراني على هامش الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامية التي ستعقد في اسطنبول بين 13 و15 نيسان الجاري والذي قد يؤسّس لمرحلة جديدة بين الدولتين يكون لبنان المستفيد الأوّل من تداعياتها الإيجابية على كل أزمات المنطقة الممتدة من سوريا إلى العراق فاليمن وليبيا ومملكة البحرين وخصوصاً إذا مهد هذا اللقاء لقمة سعودية – إيرانية للبحث في صيغة تفاهم بين الدول المعنية بقضايا المنطقة عموماً وبالنزاع السوري خصوصاً، والذي يأتي متزامناً مع تقدّم في مفاوضات جنيف تحت اشراف أميركي – روسي واصرارهما على الوضع نحو الاتفاق حول صيغة للمرحلة الانتقالية التي يسعون إلى اطلاقها بعد 15 يوماً تمهد لاجراء انتخابات برلمانية ورئاسية يضعان حداً نهائياً للأزمة السورية ولباقي أزمات الإقليم ومنها الأزمة اللبنانية والله اعلم.