في الوقت الذي يستمر فيه السجال حول قانون الإنتخابات النيابية الأمثل لمواكبة المرحلة الراهنة، لاحظ مرجع نيابي سابق أن الإبقاء على القانون الحالي لن يؤمّن الخروج من مستنقع الأزمة المتجدّدة مع كل استحقاق أو موعد انتخابي، كما أنه عاجز عن خرق التقليد في الواقع السياسي القائم منذ سنوات. واعتبر أنه بصرف النظر عن صورة القانون الذي ستجري الإنتخابات النيابية المقبلة على أساسه، فإن نتائج الإنتخابات البلدية والإختيارية الأخيرة، قد أظهرت أهمية تطبيق النظام النسبي في كل الإستحقاقات، كون هذا النظام هو بمثابة المخرج لمواجهة الحرمان الذي عانته أكثر من جهة أو أقلية سياسية وطائفية ومدنية في الإستحقاق البلدي الأخير. وفي هذا المجال، فإن الأولوية على طاولة اللجان النيابية المشتركة التي تبحث في القانون الإنتخابي العتيد، وذلك في حال استقرّ التوافق على قانون جديد، كما أكد المرجع نفسه، يجب أن تتركّز على استيلاد الحلول، وبشكل نهائي وحاسم، للخلافات حول الحصص التي ستحصل عليها الأحزاب والطوائف الحالية.
واعتبر أن هذا الأمر قد يكون مستحيلاً في ظل الظروف الراهنة، لأن المنخرطين في صياغة الحلول هم نفسهم الذين عملوا للوصول إلى المحاصصة الحالية في السلطة، وبالتالي فهم قد لا يتمكنون من لعب دور في إنقاذ تمثيل كل الأطراف وإيجاد الإطار لتأمين توزيع وتمثيل عادلين لكل فئات المجتمع، وخصوصاً المجتمع المدني الذي شارك في الإستحقاق البلدي الأخير، من دون أن يتمكّن من تحقيق خروقات بارزة إلا في حالات نادرة، وفي بعض القرى.
وضمن هذا السياق، فقد وجد المرجع النيابي السابق نفسه، أن ارتدادات الإنتخابات البلدية والإختيارية لا تزال ترخي بأصداء ثقيلة وسلبية على مجمل المناخات الداخلية، وذلك على مستوى واقع التيارات والأحزاب، كما على مستوى العلاقات بين أكثر من حليف، وذلك في ضوء ما يتم كشفه بشكل شبه يومي عن أزمات داخلية عميقة لدى بعض التيارات، والتي خرجت إلى العلن مترافقة مع عرض وقائع وانطباعات كانت لفترة طويلة غير معلومة من قبل الرأي العام. وأكد أن نقطة الإرتكاز في مقاربة التحوّلات التي أفرزتها الإنتخابات البلدية، ستكون في كيفية الحؤول دون تكرار «صدمة» البلديات في الإنتخابات البلدية المقبلة في الدرجة الأولى، وفي دراسة صِيَغ التفاهمات والتحالفات القائمة على رؤى استراتيجية محدّدة، وليس نتيجة أهداف ظرفية ثانياً.
ولاحظ المرجع نفسه أن الجولات المقبلة من النقاش حول قانون الإنتخاب في مجلس النواب، ستدخل في مرحلة البحث الجدي والهادف، ولكن الإعتبارات السياسية ستكون حاضرة بقوة في تفاصيل هذا النقاش، وستؤثّر حتماً في تحديد صورة الدوائر الإنتخابية، والتي سيعمل كل فريق على جعلها ملائمة لتطلّعاته المستقبلية. وبالتالي، فإن هذه المعطيات تنبئ باحتمال الإبتعاد مجدّداً عن نظام «النسبية»، لصالح قانون انتخابي قائم على المستجدّات تمهيداً للوصول إلى خاتمة تؤدي إلى إجراء الإنتخابات النيابية وتفادي التمديد قبل أي شيء آخر.