Site icon IMLebanon

مقاربات

أصبح من الثابت بعد الكلام الأخير للسيد حسن نصر الله ان لا انتخاب رئيس للجمهورية في الثامن من الشهر الجاري، ولا بعده، ولا بعد بعده، وبات يتعين على اللبنانيين الاعتياد على الفراغ في رأس الدولة، وعلى تدبر شؤونهم على هذا الأساس، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، إلا إذا؟

ذلك أن أمين عام حزب الله الذي إعتبر في كلامه أن فريقه انتصر في معركة الرئاسة بعد أن سلم الفريق الآخر أي فريق الرابع عشر من آذار بالرئاسة إلى فريقه بترشيح العماد عون والنائب فرنجية لهذا الموقع، ترك نافذة لم يضئ عليها المراقبون والمحللون بشكل كاف، عندما أشار بشكل لا يحمل الالتباس والتأويل إلى انه منفتح على الحوار من أجل الوصول إلى أنتخاب الرئيس، وتفسيره بالمعنى السياسي انه يمكنه أن يتخلّى عن أحد مرشحي فريقه أو عن كليهما في حال طرح مرشّح ثالث من خارج الفريقين المتنازعين على السلطة اللبنانية، وحصل تفاهم حوله، كما حصل في الدوحة التي ذهب إليها بعدما اعتبره انتصار السابع من أيار باجتياح حزب الله للعاصمة بيروت، والذي قبل يومها برئيس توافقي ولم يتمسك بمرشح من فريقه في تلك المرحلة، سوف يقبل بمرشح توافقي في المرحلة الراهنة، بمعزل عن الالتزام الأخلاقي الذي شدده عليه سماحته في أخطر من محطة في خطابه الأخير، والإشادة بحليفه النائب فرنجية والعلاقة الاستراتيجية التي تجمعهما معاً في جبهة واحدة.

قد يستغرب البعض هكذا مقاربة لمأزق الاستحقاق الرئاسي من خلال رؤيته إلى ارتباطها بالوضع في الإقليم وبالتطورات المتسارعة على كل مساحته، ولا سيما في المقلب السوري الذي لا يزال غير واضح، أو بالنسبة للمشروع الإيراني وتطلعات طهران وطموحاتها كلاعب أساسي وقوة أساسية في منطقة الشرق الأوسط، ويعتبرها غير واقعية ولا منطقية، قياساً على ما تضمنه خطاب السيّد نصر الله من أن لا انتخابات رئاسية ولا جلسة انتخابية الا إذا خصصت لإنتخاب حليفه الأول رئيس تكتل التغيير والإصلاح، لكن إعلان السيّد نصر الله انتصار فريقه في معركة الاستحقاق الرئاسي وعدم استعداده لبذل أي جهد لحمل أحد مرشحي فريقه الانسحاب للآخر لتكتمل صورة الرئيس المقبل وينتهي هذا المسلسل المأزق، مؤشر بدعم هذه المقاربة ويعززها، على أساس النظرية التي تقول بأن استمرارهما في المعركة حتى النهاية وعدم انسحاب أحدهما للآخر هو محرقة لكليهما وليصبح البحث عن رئيس ثالث أمراً حتمياً لا بد ولا مفر منه، للانتهاء من هذا المأزق وإعادة الانتظام إلى المؤسسات على غرار ما حصل في الدوحة في العام 2008.