Site icon IMLebanon

«نداء 13 نيسان» يستعد لإعلان جبهته والبرنامج

 

إستحقاقات نقابية وطلابية تستبق الانتخابات النيابية

 

 

تتسارع الخطى داخل أروقة مشروع جبهة «نداء 13 نيسان» للاستعداد لاستحقاق الانتخابات النيابية مع بدء العد العكسي لها والذي تتحضر له الجبهة بعد ان أقرت في الايام الاخيرة الوثيقة السياسية المنتظرة منذ مدة، ووضعت اللمسات الاخيرة على النظام الداخلي الذي اتخذ أيضا بعض الوقت نتيجة عدم تمرس كثيرين في الجبهة المنتظرة في العمل السياسي الحزبي، على رغم اعتبارهم ان النداء بعيد عن التشكيلات السياسية بمعناها التقليدي والضيّق.

 

ينطلق القيّمون على النداء من تصنيفهم المعارض وخاصة ذلك المنبثق من تاريخ 17 تشرين، باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من قوى التغيير في البلد التي تناهض المنظومة التي أدت بلبنان الى ان يتهدده خطر وجودي مع تلاشي الدولة التي تفقد بنيانها.

 

يحتفظ النداء الذي يقول صائغوه إنهم سيعلنون عنه أواسط أيلول المقبل مع اطلاق الجبهة رسميا كما يدور الحديث داخلها، بلغة راديكالية تجاه قضايا مثل سيادة الدولة المستباحة ودستورها المعطل ومؤسساتها المشلولة والفساد الذي ينخرها، بينما المدارس والجامعات والمستشفيات والفنادق والمصانع والمزارع والمصارف والشركات في انهيار متسارع، والارتهان للخارج يُخضع الدولة ويحولها إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.

 

لذا يريد المؤسسون في النداء من انطلاقتهم الرسمية المنتظرة اتخاذ زمام المبادرة لتنظيم الصفوف في هذه المعركة المصيرية التي تتخذ عنواناً جاذبا لكن فضفاضا، هو إسقاط المنظومة الفاسدة الذي يؤسس بدوره الى «مسار انقاذي على أساس المواطنة والعيش الكريم».

 

لعل اولى سلبيات حركة 17 تشرين تمثلت في عدم توحيد الصفوف وتنظيم الذات، طبعا لا كطوائف بل على اساس مواطني، وهو ما يريد النداء معالجته معتبرا اياه لبّ التغيير الجذري «إذا اجتمعنا حول هوية وطنية لبنانية جامعة، وموقف واضح لا لبس فيه من المنظومة الحاكمة برؤوسها الستة وحلفائها».

 

مراقبة دولية للانتخابات

 

وفي ظل وضع لا تُحسد الانتفاضة الشعبية عليه، يضع هؤلاء خيار الاستسلام للانهيار وللعبة زعماء الطوائف، جانبا، ويتخذون الانتخابات فرصة لخرق تلك المنظومة عبر مشروع إنقاذي قد يعلنون عنه بعد شهر ونصف الشهر على ذكرى المرفأ الأليمة، وسط أزمات تتوالد من رحم الكوارث الحياتية اليومية للبنانيين، باتوا معها في حاجة الى التغيير من دون اي إبطاء.

 

من الطبيعي ان تتخذ النقاشات لصياغة مفهوم موحد لآلية التغيير، وقتا طويلا. فمثلا بعد بحث عميق حول مفهوم فرض حكومة إنقاذ وطني انتقالية من خارج أحزاب المنظومة الحاكمة بصلاحيات تشريعية استثنائية لمدة محددة، لإجراء انتخابات نيابية وبلدية في موعدها وتوسيع صلاحيات هيئة الاشراف على الانتخابات وتعزيز استقلاليتها، يسري الحديث الآن عن حكومة دائمة للإنقاذ.

 

هنا ثمة دعوة الى مراقبة دولية للعملية الانتخابية، وهو أمر بات ساريا لدى مجموعات وشخصيات كثيرة في الحراك لعلمها لأهمية ذلك مع قدرة السلطة على التلاعب في العملية الانتخابية، من دون طبعا وضع ذلك في اطار تدويل الازمة اللبنانية.

 

الإصلاح واستقلال القضاء

 

على ان نوع الحكومة لا يبدو هاما في مقابل البرنامج الذي تريد الجبهة اعلانه، وخاصة لناحية خطوات وطبيعة الاصلاح المنتظر. وعلى جدول الاعمال برنامجا إصلاحيا تفصيليا يبدأ بإعادة هيكلة الدين العام والاعتراف بخسائر المصرف المركزي والمصارف التجارية وتحديد حجمها وتحميل عبئها أولاً لأركان المنظومة الفاسدة من سياسيين ومصرفيين ومتعهدين. والمباشرة بالتدقيق المالي الجنائي في مختلف مؤسسات الدولة بدءاً بمصرف لبنان وإقرار قانون القيود على حركة الرساميل (Capital Control) مع مراجعة التحويلات كافة إلى الخارج منذ دخول الهندسات المالية حيز التنفيذ في العام ٢٠١٦، مع التركيز بشكل أولوي على النافذين السياسيين السابقين والحاليين، وعلى من استفاد من احتكارات الدولة، وأعضاء مجالس الإدارة والمدراء العامين في المصرف المركزي والمصارف التجارية.

 

وثمة دعوة الى بدء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وأي من المؤسسات المانحة لوقف الانهيار المالي ولتأمين القروض اللازمة لإطلاق عجلة الاقتصاد وكذلك مع الدول المانحة لتأمين المساعدات، ما يمكّن من استعادة ثقة الداخل والخارج بالدولة اللبنانية. كما محاسبة الفاسدين على أساس قانون الإثراء غير المشروع والعمل الدؤوب على استعادة كل الأموال التي نُهبت والأموال الناتجة عن التهرّب الضريبي بموجب آليات التعاون القضائي بين الدول.

 

في هذا البرنامج الطموح هناك دعوة الى إقرار قانوني استقلال القضاء العدلي والإداري اللذين قدما إلى مجلس النواب وتشديد على استقلالية القضاء وسن قانون لاستقلال القضاء المالي. وهنا تأكيد على دعم وتفعيل التحقيق المستقل في جريمة المرفأ بهدف كشف كامل أسباب الجريمة ومحاسبة المسؤولين عنها وطلب المساعدة التقنية الأممية في حال دعت الحاجة.

 

جلسات مصارحة.. للمصالحة

 

والواقع انه ليست لدى الحراكيين قناعة بما يسمى بالمصالحة الوطنية التي حصلت بعد اتفاق الطائف. هم يدعون الى جلسات من المصارحة والنقد الذاتي حول جرائم الحرب والكشف عن مصير المفقودين، على طريق صياغة سلم اهلي حقيقي يؤسس لمسار وطني جاد.

 

وفي شروعهم في نقاش داخلي لن يكون حلفاً سياسياً ظرفياً، فإن ذلك يشكل خطوة أساسية في مسار بلورة خطاب سياسي وطني، لا فئوية ولا طائفية فيه، لبناء دولة المواطنة المدنية السيدة الديمقراطية العادلة، التي ترتكز على جملة أمور اضافية الى ما ذكر سابقا: إقرار قانون اللامركزية الإدارية، تجاوز الطائفية السياسية والإدارية والعمل على دولة تلتزم مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تقوم على العقد الاجتماعي الذي يكرّس الممارسة الديمقراطية وحكم القانون والمساواة بين جميع اللبنانيين واللبنانيات، ويحترم حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية كمبدأً عام.

 

إستراتيجية وطنية للدفاع

 

وفي الموضوع الحساس حول حصرية قرار السلم والحرب، فالمطالبة هي بدولة سيدة تملك هذا القرار وتقود حوارا وطنيا في إطار المؤسسات الدستورية لإقرار إستراتيجية وطنية للدفاع لجعل كل السلاح ضمن مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية.

 

طبعا إن مقاربة موضوع سلاح المقاومة من هذه الوجهة لا يخرج عن كون أن «إسرائيل كيان عنصري عدو، والدولة معنية باتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتحرير ما تبقى من أراضي محتلة في بلدة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والتصدي لأطماعها في مياهنا وثرواتنا». وهي في التوازي دولة كاملة السيادة تحمي شعبها على امتداد الوطن من محاولات الهيمنة واعتداءات الخارج بعد أن عانى من ويلات الحروب والاغتيالات والتفجيرات. وتقوم بترسيم حدودها البرية والبحرية لتحمي شعبها وأراضيها ومواردها وتوقف التهريب الى خارج الحدود كما تعيد هيكلة الأجهزة الأمنية المسؤولة عن امن الحدود والمرافئ. كما تصوغ هذه الدولة المنشودة سياساتها الإقليمية والدولية بما يتوافق مع المصلحة الوطنية اللبنانية دون سواها وعبر صياغة علاقات ندية ومميزة مع الدول كافة، عبر المؤسسات الرسمية اللبنانية، «وليس عبر قنوات فئوية وحزبية مرتهنة للخارج وعلى حساب سيادة الدولة ومكانتها. وهذا يستدعي بإلحاح إزالة جميع العقبات التي أدت إلى عزلة لبنان العربية والدولية، وتحييد لبنان عن الدخول في أي محور إقليمي أو دولي».

 

هي دولة تلتزم بالشرعيتين العربية والدولية وتلتزم بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها. وتتضامن مع الشعب الفلسطيني في قضيته المحقة وتتمسك بعودة اللاجئين إلى أرضهم وترفض أي شكل من أشكال التوطين وتضمن لهم العيش الكريم وحقوقهم المدنية. وهي في التوازي دولة تدعم جميع المساعي الضامنة لعودة آمنة وطوعية للاجئين السوريين إلى بلدهم.

 

كسر الإحتكارات

 

وللوثيقة رؤيتها في كيفية بناء دولة الاقتصاد الحر المنتج وتغوص في تفاصيل ذلك بما يجنب لبنان الازمات التي يعيشها في هذه اللحظة بالذات مع تسليط الضوء على مزايا لبنان التنافسية وتأمين الأسواق الخارجية وتأمين البنى التحتية اللازمة للقطاعات الإنتاجية لتسهم في تخفيض كلفة الإنتاج، ومنها مواضيع الساعة من كهرباء وماء واتصالات ومواصلات.

 

وهي دولة تقارب موضوعا بالغ الاهمية ومسكوتا عنه يتمثل في حماية حرية المنافسة عبر كسر الإحتكارات ومحاربة التهرب والتهريب والتلاعب بالسوق، وإلغاء المحاصصة والصفقات بالتراضي، مع التزام مبدأ الشفافية في المناقصات والتمويل والإستثمار الداخلي والخارجي، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص بعد إعادة هيكلة الإدارة العامة وترشيقها باعتماد معايير نظام الحوكمة الرشيدة.

 

وفي البرنامج كثير من التفاصيل والنية تتجه الى تفعيل العمل على الارض عبر لجان للعمل تقدم ما تمخضت عنه تلك النقاشات تحضيرا للأرضية لاستحقاقات تسبق الحدث الانتخابي مثل انتخابات النقابات والطلاب، وقد قطعت التحضيرات للإعلان المنتظر للجبهة شوطا كبيراً.

 

يذكر ان النداء أطلقته مجموعة من الاحزاب والمجموعات والشخصيات ومنها: «حماة الدستور»، «تحالف وطني»، «منتشرين»، «بيروت مدينتي»، «وطني هويتي»، «لنا»، «ثوار بيروت»، ثوار لبنان»، «شباب 17 تشرين»، «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد»، «الكتلة الوطنية» و»STREET» وغيرها..