Site icon IMLebanon

جرحٌ لا يندمل

 

منذ 47 سنة حلّت بلبنان واللبنانيين مصيبة كبرى، في ذلك الثالث عشر من نيسان 1975، لا تزال ويلاتها وكوارثها تتداعى حتى اليوم، وليس ما يشير إلى أنها ستتوارى في مستقبلٍ منظور… فتلك الحرب اللعينة التي عرفنا أي شرارة أوقدت نيرانها، لم نعرف، ولن نعرف (جيلنا على الأقل) كيف سيطلع منها هذا الوطن، وهو المكسور الخاطر، المهيض الجناح، الذي أنزلوه عن عرش الأمان والطمأنينة والازدهار، وسلبوه مقومات الصمود، والعزة، والعنفوان، وحتى الكرامة…

 

تلك الحرب الملعونة التي تناسلت حروباً فرّخت أنهار الدماء، وأزمات لا تنتهي، والمأزق في رقاب المأزق (…) فأوصلوا شعبه إلى الفقر والعوز والفاقة والمهانة والذل، والـ»شحادة» والبحث عن اللقمة على موائد اللئام، لتزدهر على حسابه الميليشيات ومنها وفيها المافيات والعصابات والمجرمون وشذّاذ الآفاق الذين استباحوا، وما زالوا يستبيحون، الكرامات والحرمات، ليتحول الزمن اللبناني الجميل إلى زمن الرداءة والرِدّة والانحلال في الأخلاق، وفي كل شيء.

 

في تلك الحرب، ومتحوراتها اللامحدودة، كان ثمة أمل بأن ليل الحرب البهيم سينجلي ذات يوم، وبأن لا بد للفجر أن ينبثق من ظلمة الملجأ… وإذا بنا بين أشداق الخيبة الكبرى! فلقد توقف إطلاق النار، ولكن الظلم لم يتوقف، والضيم لم يتوقف، والتلاعب بمصير البلاد والعباد لم يتوقف، والإصرار على استرهان لبنان لم يتوقف.

 

وأما القيادات الهجينة، التي فرضها الخارج على اللبنانيين، فتمادت إلى أبعد الأبعد، لتوصلنا إلى الدَّرْك الذي هو تحت التحت، ليتنعّم هؤلاء الهجينون بالدُور والقصور، وليتلاعبوا بمليارات الدولارات فيما اللبناني ينام على طوىً، ويستفيق على الدماء والدموع.

 

إن 13 نيسان لم يكشف أسراره كلها بعد… أما السر المكشوف والمروّع فيتمثل في فظائع أكثرها ترويعاً اثنتان:

 

الفظيعة الأولى الـ200 ألف شهيد الذين سقطوا في حرب السنتين، وأكثريتهم الساحقة من المدنيين الأبرياء.

 

والفظيعة الأخرى هي عدم كشف مصير آلاف المخطوفين والمفقودين المجهول – المعلوم، لذلك سيبقى الحزن والقلق مخيِّمَين على كل بيت في لبنان إلى أن تنجلي الحقيقة كاملة عن حرب السنتين التي لن تنتهي ( عملياً وقانونياً) إلا بكشف النقاب كلياً عنها، وليُعلن على الملأ: عن المخططين والمنفذين (بالسلاح وغيره)، وعن الأهداف والمرامي والمخططات الإجرامية في حق هذا الشعب المظلوم، وذاك اللبنان الذي كان زينة البلدان.