الحبر الأعظم وضع العالم تحت سقف مئوية الابادة الأرمنية.
والكاردينال الراعي توجّه الى أرمينيا للمشاركة فيها.
في ٢٤ نيسان، يقف العالم، منذ مئة عام خاشعاً، احتراماً لأكبر إبادة، وانحناء أمام الذكرى.
والإبادة العثمانية للأرمن، هي إبادة للثقافة، والعلم والحضارة.
وليس سهلاً على العثمانيين، أن يقترفوا جريمة العصر، من دون أن يرفّ لهم جفن.
كما ليس مأمولاً إبادة العثمانيين لمليون ونصف مليون عالم، ومفكر، وأديب، وشاعر، من دون أن يخالجهم شعور بالحياء والخجل!..
ذلك، أن سحق جيل من المبدعين والعظماء، كان من خصوصية الانحراف الانساني، أمام مذبحة التاريخ.
في العام نفسه، كان جمال باشا السفاح، يعلق بعضاً من أحرار لبنان، على أعواد المشانق بين بيروت وعاليه، وكان باشاوات الابادة الارمنية يقيمون المذابح في المدن التركية.
والابادة لم تكن ابادة دينية، بل عرقية، كما قال الأمين العام لحزب الطاشناق أغوب بقرادونيان، في حديثه الأخير الى الأنوار.
***
الشعب الأرمني صبر على المجازر مائة سنة.
لكنهم حصدوا القمح مئة مرة.
وجعلوا الأمانة العامة للأمم المتحدة، تعترف بهول المجازر والفظائع.
وعلى أبواب ٢٤ نيسان، توّج البابا فرنسيس الذكرى، باقامة قداس كبير، جعل العالم الكاثوليكي، واستطراداً العالم كله، تحت سقف الابادة الأرمنية على أيدي الجلاوزة الأتراك.
والسقف الدولي عالٍ، ويتسع لعشرات الملايين من أحرار العالم.
من المناطق كافة
ومن الأديان المسيحية والاسلامية عامة.
كانت عبارة التتريك عنواناً لمجازر أقامها الأتراك، في مختلف الاقطار والامصار، لمحو الآثار الحضارية والثقافية والانسانية، لشعب حي، واجه حكماً جائراً، وعبودية متسلطة، على أبواب القرن العشرين.
وكما نجح الشعب اللبناني، في التحرر من مؤامرة التتريك.
نجح أيضاً الشعب السوري في مقاومة الابادة الأرمنية.
***
اعتقد العالم ان تركيا الحديثة، ستقلب صفحة تركيا العثمانية.
وساوره اعتقاد بأن كمال أتاتورك رمز تركيا الحديثة، سيسعى الى التخلص من عيوب تركيا العثمانية، ليلج القارة الأوروبية.
اعتمد أتاتورك الحرف اللاتيني، بديلاً من الحرف العثماني.
إلاّ أن الحضارة لا تصنعها الحروف، بل المفاهيم والأساليب.
ولذلك، بقيت تركيا قرابة مئة عام تسعى الى ولوج القارة الأوروبية ولا تستطيع.
كان ينقص أتاتورك أن يعتذر عن أخطاء اقترفها أجداده، لكنه صمت. وظلّ صامتاً.
غرقت تركيا في جحيم الابادة الأرمنية.
وغرقت في الفساد.
وسقطت الأحزاب العلمانية.
وطاف على أديم السياسة، بضعة أحزاب دينية أبرزها حزب أردوغان.
وصعد السياسي التركي الى الرئاسة الأولى، بعد رئاسة مجلس الوزراء!
إلاّ أنه اختار نهايته في وهاد الابادة.
لم يجرؤ أردوغان، على الاعتراف، بالابادة، أو الاعتذار، أو إبداء استعداده للتعويض على الأرمن.
وتلك هي مأساة تركيا الحديثة.
غداً ٢٤ نيسان الأرمني.
انه يوم العالم المنتفض على الابادة.