IMLebanon

حرب نيسان.. لم تُحيِ الإنسان!

 مع حلول الذكرى الأربعين لاندلاع الحرب الأهلية في لبنان، يقف اللبنانيون متأمّلين بما استخلصوه من سنوات عصيبة من العذاب، وقافلة طويلة من الشهداء والمفقودين، وأحقاد باتت إرثاً لاحضاري تتوارثها الأجيال..، ليجدوا أن العِبَرْ قليلة، والدروس منسيّة، والتاريخ لم يختر يُعيد نفسه، سوى في أسوأ مقاطع من الرقص عند حافة الهاوية، على طبول الحرب التي تُقرَع من كل حدب وصوب، حيث بات من المستحيل أن ينأى لبنان بنفسه عنها، لطالما هناك فريق لم يكتفِ بالتأييد المعنوي لمشروع ضد آخر، بل انخرط بكل قوّته في حرب دموية لا ناقة له فيها ولا جمل، تماماً كما حصل في السبعينات فأصبح لبنان ساحة مستباحة لتصفية الحسابات الإقليمية على أرضه.

وبعد مرور ما يزيد عن العشرة أشهر من الفراغ الرئاسي، والعجز السياسي، عن إخراج هذه الأزمة من عنق الزجاجة، تكتفي الدولة بتصريف أعمال هنا وهناك، بينما ينبري فريق في إطلاق المواقف، محاولاً الإيحاء أنه يمثّل الموقف الرسمي بما أنه يُمسِك بقرار السلم والحرب، وهو صاحب السلاح الحزبي غير الشرعي الأخير..، ضارباً عرض الحائط مصالح وطن، لم تربطه بدول الخليج عموماً، والمملكة العربية السعودية خصوصاً، سوى أفضل العلاقات من مساعدات أخوية وإنسانية لا متناهية، إلى دعم سياسي لقرار العيش المشترك والسلم الأهلي، وصولاً إلى الدعم المادي لمؤسسات الدولة ومشاريعها، وأهمّها تسليح الجيش اللبناني بهبة غير مسبوقة، إيماناً بالشرعية اللبنانية ودولة المؤسسات، وليس شريعة الغاب ودولة الدكاكين.

وإذا ما نجحت الحكومة اللبنانية إلى حدٍّ كبير في توضيح هذا الإلتباس، واعتبار هذه المواقف لا تمثّل سوى مطلقيها، رغم أن التلفزيون الرسمي قد استُدرِج لبثّها..، فمَنْ يحمي ما يُقارب الأربعمائة ألف لبناني يعملون في دول الخليج العربي، ويحوّلون ما يُناهز الأربعة مليارات دولار إلى بلدهم سنوياً؟

ومَنْ يعوّض على لبنان الخسارة الإقتصادية في حال دفع هؤلاء المهاجرون، ثمن مواقف إقليمية أكثر منها لبنانية، وقطع رزقهم وتم ترحيلهم إلى بلدهم، حيث لا فرص عمل ولا مَنْ يعوّض عليهم؟

إن مرض مذهبة القضايا، وإطلاق التوصيفات الفئوية عند كل استحقاق، بات يُرخي بثقله في المنطقة أجمع، ومن ثم نستنكر ونتساءل عن حقيقة أسباب دفع فئة معيّنة الثمن أكثر من غيرها، بما أن اللبنانيين بكل أطيافهم وطوائفهم يعملون في الخليج ويعانون من ارتدادات المواقف التي تُطلق من بلدهم نحو الدول المضيفة لهم.

للبنان ربّ يحميه، وللجالية اللبنانية في الإغتراب دولة تحميهم وتحمي مصالحهم، حتى لا نبقى كلنا في مهبّ رياح المواقف العاتية الآتية من أجندة خارجية هنا ومشروع هيمنة هناك!