ككل مسألة او استحقاق او ملف ينقسم السياسيون في لبنان بين رأيين، وآخر هذه الاستحقاقات الهامة كان إتخاذ الحكومة قرار عدم سداد اليوروبوندز، بحيث اعتبر الفريق المؤيد للعهد والحكومة بأن اتخاذ هذا القرار شكّل خطوة أساسية أولى في الاتجاه الصحيح، مع التشديد على طرح خطة إنقاذية شاملة ومشاريع حقيقية للوصول الى المسار التصحيحي، اما المعارضون فإعتبروا بأن القرار إتُخذ في الضاحية الجنوبية اي معقل حزب الله، وكان من الاجدى لو قامت الحكومة بحوار مباشر مع الدائنين بضمانة من صندوق النقد الدولي، مشيرين الى ان لبنان بات رسمياً خارج الاطار العالمي بعد خضوعه لمشيئة حزب الله.
انطلاقاً من هنا تشير مصادر سياسية معارضة الى ان لبنان ُوضع اليوم في الواجهة بقوة، على الرغم من معرفة الجميع بأن هنالك مخططاً لإعادة رسم خارطته السياسية، بحيث تحوّل ساحة صراع بين القوى الدولية والإقليمية، إنطلقت من الحرب الاقتصادية على لبنان ككل بسبب العقوبات على حزب الله، فيما كان من الاجدى لو بقي لبنان في الاطار الحيادي، اي تطبيق سياسة النأي بالنفس لتفادي كل ما يحصل، لان وسائل الضغط الاميركية تقف بالمرصاد امام لبنان، خصوصاً بعد اعتبار الادارة الاميركية بأن حكومة حسان دياب تنفّذ ما يريده الحزب تحت عنوان انه مكوّن اساسي في الدولة اللبنانية له نوابه ووزراءه وجمهوره، ناقلة بأن كل هذه العناوين لم تعد تنفع لان القرارات الاميركية إتخذت وسوف يدفع الثمن لبنان واللبنانيون.
ورأت هذه المصادر بأن ازمات الداخل اللبناني ستتفاقم، خصوصاً في الاطارين الإقتصادي والمالي، اي هنالك المزيد من العقوبات التي ستطال شخصيات لها إرتباطات ومصالح مع حزب الله، وسوف ينتج عنها تداعيات سلبية على الوضع العام في لبنان، ولفتت الى ان الضغوطات الاميركية تتواصل على عدد من العواصم العربية والأوروبية، للحدّ من تقديم المساعدات المالية للبنان، وهي تحمّل الحزب مسؤولية ما وصل إليه البلد، مع توجيهها وتحذيرها الدائم لمجموعة رسائل عبر الديبلوماسية الاميركية او المسؤولين الذين يزورون لبنان، من تداعيات السياسيات الخاطئة التي تنفذ في البلد.
واشارت المصادر عينها الى ان الحكومة باتت مستهدفة بقوة من قبل المجتمع الدولي، وقد تلقّت منذ ايام رسالة أميركية عن عقوبات جديدة طالت عدداً من الاشخاص على علاقة بحزب الله، وكان سبق ذلك تصريحات لا تطمئن بأن واشنطن ستستهدف أي مؤسسة مالية تنقل أموالاً للحزب، وبدوره أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر بأن بلاده بصدد وضع مجموعة عقوبات على خلفية قانون ماغنتسكي في لبنان، الذي وافق عليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي عام 2012، ويخوّل الحكومة الأميركية فرض عقوبات على من يرتكب انتهاكات في مجال حقوق الإنسان، من خلال تجميد الأموال ومنعهم من دخول الولايات المتحدة. فيما المطلوب الترّوي والتفكير بكل هذه التداعيات، وبالتالي تحمّل المسؤوليات وإتخاذ القرارات الجريئة اي قلب الصفحات السوداء والتفكير بمصلحة لبنان اولاً، بعيداً عن مصالح اي حزب او فريق سياسي، والسير في اتجاه سياسة النأي بالنفس اذا كانت حكومة دياب جديّة في البحث لإنقاذ لبنان من الغرق الاخير، لانه وصل الى القعر وانقاذه اصبح صعباً جداً.
ولفتت المصادر الى ان الرسائل الفرنسية تتوالى بدورها، في محاولة منها لإنقاذ ما تبقى من خلال تقديمها المساعدات، لكن وفق شروطها اي تحقيق الاصلاحات التي وعدت بها الحكومة، وهذا الكلام كان مدار بحث خلال زيارة وزير الخارجية اللبنانية ناصيف حتي الى باريس، ولقائه نظيره الفرنسي ايف لودريان، حيث جرت مناقشة طلب الحكومة مساعدة من قبل صندوق النقد الدولي، الذي انهى مسؤولوه زيارتهم الى لبنان بعد لقائهم كبار المسؤولين اللبنانيين، اذ شدّدوا على انّ الإصلاحات ضرورية جداً للبدء بالعلاج وخصوصاً ملف الكهرباء.
وختمت هذه المصادر بضرورة الوعي قبل فوات الاوان، لان المسألة باتت مسألة ايام للانقاذ، ناقلة عن مسؤول مالي غربي بأن الشهر المقبل سيكون صعباً على الصعيد الاقتصادي، لان الازمة المالية اصبحت في صلب دائرة الخطر وبقوة.