على قاعدة التجانس باللغة والمنطق، انعقد اجتماع بكركي أمس بين البطريرك الماروني والسفراء العرب في بكركي. الأجواء كانت «ممتازة» بحسب المجتمعين الذين يشيرون إلى أنّ «هذا ما يشجع على بحث احتمال أن يكون الاجتماع دورياً للتباحث في الشأن العربي المشترك».
حَمَل كل سفير معه أوجاع بلده، من سوريا الى العراق واليمن وغيرها. خلال الاجتماع كان البطريرك مصغيا أكثر مما كان متحدثا. فهو استعرض في كلمة مطبوعة كل الهواجس التي تهدد المنطقة ولبنان من ضمنها، من الارهاب الى اللجوء وتنامي الحركات الاصولية، وضرورة الدفع نحو الحل السياسي للأزمات القائمة.
واستفسر السفراء من بطريرك الموارنة عن الشغور الرئاسي في لبنان. الكلام البطريركي لم يحد عن ثوابته القائمة على «ضرورة التوجه الى مجلس النواب وانتخاب رئيس اليوم قبل الغد». ولأن المشترك في العالم العربي هو المعلومات غير الرسمية بالإضافة الى المصائب بطبيعة الحال، أتت الاستيضاحات كثيرة وطاولت اقتراح بكركي رئيساً لسنتين وانتخاب رئيس من خارج نادي الأقطاب أو من داخله، فأتت الأجوبة البطريركية بأنّه «ليس صحيحاً ما تردّد أن بكركي تقف خلف هذا الاقتراح، وكل ما قيل في هذا الإطار هو اختلاقات مبنية على لا شيء. وفي خانة الخيال أيضا يدرج كل ما قيل عن ان هدف الكنيسة من هذا الاقتراح هو إرضاء للعماد ميشال عون تمهيدا لإخراجه. كل ما تريده البطريركية المارونية هو أن تتحلى القيادات السياسية بالمسؤولية الوطنية وتتوجه الى البرلمان لأنه في النهاية هو المكان الوحيد للإتيان برئيس».
في الصرح البطريركي، أمس، في بكركي، جمع البطريرك سفراء الدول العربية المعتمدين في لبنان. الى يساره جلس السفير السوري علي عبد الكريم علي. وأمام بقية سفراء الجزائر والسودان والأردن وتونس ومصر والمغرب وفلسطين والعراق واليمن وجامعة الدول العربية، أدلى بدلوه في كل ملفات المنطقة وفي تشعباتها قضية «اللاجئين الذين يعيشون حالة بؤس وحرمان من شأنها أن تكون حقولا خصبة لاستغلالها من المنظمات الإرهابية والحركات الأصولية».
وفي كلمته المطبوعة قال البطريرك: «تؤلمنا جميعا، في العمق، حالة النزاعات والحروب المدمِّرة للحجر والبشر وللثقافة والحضارة في بلداننا. وقد حطمت الأصوليات والمنظمات الإرهابية والخلافات الدامية بين أهل البلد الواحد، أواصر وحدتنا وعيشنا الكريم على تنوع مكوناته، وشوّهت ما بنينا معا من حضارة منذ ألف وأربعمئة سنة».
وأضاف الراعي متوجهاً إلى السفراء بالقول: «نستصرخ معكم ضمائر الذين يخططون لهذه الحروب وينفذونها. نطالبهم ونطالب جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بالعمل الجدي على إيقاف هذه الحروب الهدامة، والسعي بمســؤولية لإيجاد الحل السياسي للنزاعات، من أجل إحلال سلام عادل وشامل ودائم في بلدان المنطقة، بدءا من القضية الفلسطينية وصولا إلى النزاع في كل بلد من بلدان منطقتنا العربية».
وإذ اعتبر أنّ «إيقاف الحروب والحل السياسي وإحلال السلام هي شروط ضرورية بل إلزامية من أجل واجب عودة اللاجئين والنازحين إلى بيوتهم وأوطانهم، حفاظاً على هويتهم وثقافتهم الوطنية وحضارتهم»، لفت الراعي الانتباه إلى أنّ «لبنان يرزح تحت عبء المليوني لاجئ ونازح من فلسطين وسوريا والعراق، اقتصاديا ومعيشيا وسياسيا وأمنيا». كما تساءل «لماذا على لبنان أن يتحمل نتائج هذه الحروب والنزاعات على كل صعيد»، مؤكدا ان «استمرارية هذه الحالة تشكل خطرا كبيرا على لبنان ومؤسساته وكيانه وشعبه».