IMLebanon

هل يوضع الملف الرئاسي في عهدة الحراك العربي والدولي بعد عجز البرلمان عن انتخاب الرئيس؟

 

إذ يودّع اللبنانيون سنة الـ2022 غير مأسوف عليها، بعدما تردّت أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية على نحو غير مسبوق، وما تخلل هذا العام من ارتفاعات جنونية في أسعار صرف الدولار في السوق السوداء، بعدما قارب مشارف الخمسين ألف ليرة، فيما ألهبت أسعار المحروقات والغلاء الفاحش جيوب المواطنين، وسط عجز المسؤولين الفاضح عن معالجة أوضاع الناس المأساوية، في حين فاقم الشغور الرئاسي من حجم المشكلات، فإنهم يمنّون النفس أن يحمل معه العام 2023 تباشير خير بإزاحة الغمامة عن صدورهم، بما يفتح الأبواب لانفراجات سياسية واقتصادية، وسط ترقّب حذر لما سيتمخض عن اجتماع باريس الرباعي، على صعيد إحداث خرق في الجدار الرئاسي المسدود، وبما يمكن الجهود العربية والدولية من تعبيد الطريق أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يأخذ على عاتقه مهمة إعادة ترتيب البيت الداخلي وإصلاح علاقات لبنان مع الخارج، وتحديداً مع الأشقاء العرب.

وفي ظل تعمّق الانقسام الداخلي، في ظل أزمة رئاسية تتفاقم يوماً بعد آخر، وفي وقت لا يمكن التكهن بالمدى الزمني للخروج من هذا الشغور الذي يثير الكثير من المخاوف على الاستقرار في البلد، وسط دعوات للإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية، للتخفيف من معاناة اللبنانيين في ظل الظروف الضاغطة التي يواجهون، فإن شكوكاً بدأت تطرح عن قدرة اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب، ما قد يضع الملف برمّته في أيدي الخارج، أي أن يختار المجتمع الدولي، بالتشاور مع الدول العربية المؤثرة، اسماً ويصار إلى إبلاغ اللبنانيين به، ومن ثم يجري انتخابه رئيساً للجمهورية. وهذا أمر وارد في حال استمر الانقسام والتشرذم، ودون التوصل إلى نتائج حاسمة على الصعيد الرئاسي. ولا تستبعد مصادر نيابية هذا السيناريو إذا لم تحصل تنازلات بين الفرقاء، تساعد على تقريب المسافات، لأنه لا تظهر حتى الآن بوادر حلول، باعتبار أن كل فريق ما زال متمسّكاً برأيه، ولو على حساب البلد والناس.

وتكشف لـ«اللواء»، أوساط سياسية متابعة للملف الرئاسي، أن «الحراك الخارجي يركز على ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي في أسرع وقت، لكن لم تتبلور حتى الساعة الصورة المطلوبة، للآلية التي ستعتمد من أجل طي صفحة هذا الشغور، بانتظار نتيجة الاتصالات التي تجري، تحضيراً لمؤتمر باريس الذي بحث في أسباب انعقاده وما يمكن أن يخرج به من قرارات، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارتيه، قطر والأردن قبل عشرة أيام»، مشيرة إلى أن «التركيز العربي والدولي ينصب بالدرجة الأولى على أن يكون الاسم الذي سيتم اختياره للرئاسة توافقياً، بعدما تبيّن لدوائر القرار الخارجي، أن البرلمان اللبناني عاجز عن أن يكون سيد نفسه، وأن يختار رئيساً للجمهورية بملء إرادته، لأن لا توافق على أي اسم. وبالتالي فإن اسم رئيس الجمهورية سيكون حصيلة تفاهم خارجي داخلي، وبما يؤمّن توافقاً لبنانياً من جانب أكبر قدر من المكونات السياسية للرئيس العتيد، ليكون قادراً على القيام بدوره وإنجاز مهمته».

وتعرب الأوساط عن اعتقادها، أن «إعادة فتح قنوات الحوار الداخلي، تبدو من الصعوبة بمكان في ظل الظروف الراهنة، بعدما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري، قد أبدى رغبته في جمع الأطراف السياسية حول الطاولة، للخروج بحل للأزمة الرئاسية، لكن الحسابات السياسية المتعارضة لكل طرف، طيّرت هذا الحوار، ودفعت رئيس المجلس إلى التخلّي عنه. ولا يبدو أن اللقاء الذي ذكر أنه سيجمع الرئيس بري برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، مرشح لأن يحصل بعد احتدام السجال بين بري والرئيس ميشال عون، ومن خلفهما بين نواب «أمل» و«الوطني الحر»، والذي ينذر بتعقيد أزمة الملف الرئاسي، انطلاقاً من الاتهامات التي وجّهها الثاني للأول. وهذا بالتأكيد لن يساعد على إيجاد المناخات التي تساعد على إنجاز الحل». وبعد أن كشف الرئيس عون أن باسيل مرشح وبقوة للرئاسة الأولى، وهذا بالتأكيد سيزيد من لهيب الصراع الدائر حول الرئاسة.

واستبعدت الأوساط، حصول تطورات حاسمة على صعيد الملف الرئاسي، «قبل أن يتم وضع خارطة واضحة، لكيفية تجاوز المأزق الرئاسي في لبنان، بعد جوجلة الأسماء المطروحة، والتي قد يتم استبعادها جميعاً، ليصار إلى التوافق على اسم من خارج الطبقة السياسية التي أمعنت في هدم كل شيء، يحظى بثقة عربية ودولية، ولديه من الإمكانات ما يؤهله للوصول إلى قصر بعبدا، لتسلّم زمام المبادرة بالإنقاذ».