Site icon IMLebanon

الهجمة العربية لاحتضان عون نسّقها الحريري لتقليص حضور ايران

وايضا، في موازاة القوى المحلية التي تسعى لتعزيز مواقعها في الحكومة المقبلة تتحرك القوى الإقليمية لإظهار حضورها ونفوذها في المعادلة اللبنانية، بعد انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الاولى للعهد.

وبدا واضحا من خلال زيارات موفدي القيادتين الإيرانية والسورية والتي تبعها حضور سعودي ومن ثم قطري الى لبنان لتهنئة الرئيس عون بانتخابه، وما تبع ذلك من مواقف ودعوات من شأنها ان تحدد موقع رئيس البلاد في الأيام المقبلة والمسافة التي يقف عليها بين محوري مجلس التعاون الخليجي وبين محور الممانعة اللذين يهمهما ان يكون الى قرب كل منها نظرا لما يحمل الامر من مكسب لمحور على اخر، لا سيما ان انتخاب عون سبقه تفاهمات مع المستقبل والقوات كحلفاء او أصدقاء للمحور العربي المواجه لإيران، فكان الانتخاب على وقع خطاب سياسي جديد لعون لا يزال يترقبه حزب الله.

وتشدد اوساط دبلوماسية عربية، بأن مجلس التعاون الخليجي لم يغب عن الساحة اللبنانية، اذ في ظل الانكفاء السعودي الموقت منذ مدة، وترقب قطر لموقف الرياض وواقع لبنان، وتواجد هادئ للامارات من خلال حراك منظم لسفيرها، بقيت مصر على تماس مع الشأن اللبناني، في ظل دورين مراقبين لكل من الكويت وسلطنة عمان، وهذا يعني تتابع الاوساط بان تحول الاهتمام العربي نحو النقاط الساخنة في الإقليم العربي لم يمنع دول مجلس التعاون بقيادة السعودية من العودة السريعة نحو لبنان بعد تلبية مطلبها بانهاء الفراغ وتفاهم اللبنانيين على انتخاب رئيس للبلاد.

لكن التهافت الإقليمي بمحوريه نحو لبنان، بانت انعكاساته واضحة ومباشرة على الخطاب السياسي لعون الذي باتت مسؤوليته تفرض عليه كرئيس للبلاد في قصر بعبدا  خطابا جامعا وضامنا مختلفا عن خطابه في الرابية كرئيس لتكتل التغيير والإصلاح، وهو الامر الذي يرفع من درجة الترقب لدى محو ر الممانعة الداخلية، التي أملت موقفا اكثر داعما للمقاومة في خطاب الاستقلال، او بات الامر بالنسبة اليها ملتبسا عما اذا كانت مواقف عون ومهادنته ناتجة عن تفاعله مع «الاغراق» العربي بالحضور السريع الى لبنان ودعوته الى السعودية بعيد انتخابه نتيجة التنسيق مع الحريري، ام هي ردة فعل على كربجة انطلاقة العهد وتأخير تشكيل حكومته الاولى من قبل رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري الذي يفاوض عن الثنائي الشيعي وحلفائه.

ويذهب الكلام في هذا ا المحور الى حد المقارنة بين كيفية استقبال وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لحليفه ونظيره الإيراني عبر ايفاده مسؤولا رفيعا في الوزارة الى المطار، وبين حضوره شخصيا لاستقبال الموفد الملكي السعودي في حين اعلن امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بانه صاحب القرار الأساسي والنهائي في انتخاب عون رئيسا وان لا فضل لأي فريق محلي – خارجي غير حزب الله لدخول رئيس البلاد الجديد قصر بعبدا.

وفي منطق الاوساط المتابعة للملف الحكومي بان التجاذب الإقليمي فرض ذاته على تشكيل الحكومة بحيث بات محور الممانعة اكثر تصلبا بعدما تبين له سرعة «الغزوة» التي اقدمت عليها دول مجلس التعاون الخليجي تجاه لبنان على حساب المساحة الواسعة التي كانت للممانعة وحولت لبنان «مشاعا « لهذا المحور، ولذلك فان الثلث الغامض وتعقيدات الحقائب لن تجد لها حلا في المدى القريب، لا سيما ان عون يفضل عدم الاستدراج نحو الاستنزاف الذي يعد له من قبل بري وينعكس على رصيد عهده وانطلاقته.

فلا شك تكمل الاوساط ان انحياز عون لتموضعه تحت مظلة الشرعية الدولية -العربية وسياساتها في ظل السياسة الأميركية الجديدة مع الرئيس دونالد ترامب تجاه ايران تجعله امام مفترق صعب، خصوصا اذا ما كان محور الممانعة يريد ان يؤكد على قوة حضوره الإقليمي سياسيا وعسكريا وطلب من حليفه عون مواقف حامية لهذا الفريق.