تكشف مصادر ديبلوماسية عربية أن مسؤولين عرباً بات لهم أكثر من شهر في العاصمة الأميركية واشنطن، محاولين، وقبل أن يتسلّم الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب مهمته رسمياً في 20 كانون الثاني المقبل، تكثيف الجهود في اتجاهه واتجاه فريق عمله من أجل اتخاذ مواقف تخدم مصالح الشعبين السوري واليمني، وذلك في سياق الضغط لتصويب السياسات الأميركية السابقة حيال ملفات المنطقة وفي مقدمها الملف السوري.
لكن روسيا الاتحادية مصمّمة على أن تسيطر على مدينة حلب السورية، وهذا ما يدعم موقف النظام. وهي تخطّط لإنجاز ذلك قبل نهاية هذه السنة، وقد اتخذت قراراً بذلك بالتنسيق مع النظام السوري والميليشيات الطائفية الموالية له.
إنه قرار روسي بإسقاط حلب، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، لعدّة مصالح وأسباب. وبعد ذلك تقبل موسكو بالتفاوض مع الولايات المتحدة من موقع جديد على الأرض، وتعتقد هذه الأفرقاء انه في ظلّ تغييرات على الأرض يكون التفاوض من موقع أقوى. هذا أيضاً إذا أدركت موسكو مدى اهتمام الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بالوضع السوري والاتجاهات التي سيعتمدها، وحيث قال إنه لن يقدم دعماً للمعارضة.
وتفيد المصادر أن الروس لا يعتبرون انه يمكن البناء على أقوال ترامب أثناء الحملة الانتخابية، إضافة إلى أنه في السياسة لا تأثير للعلاقات الشخصية بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن هذه العلاقات تبقى أفضل في ما لو فازت هيلاري كلينتون بالرئاسة.
روسيا الآن تأمل في ظلّ رئاسة ترامب، عودة الدفء إلى العلاقات الأميركية – الروسية. وما يهم الروس أن يثبتوا للجميع أنهم نجحوا في فرض واقع على الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما، وهو الاعتراف بهم قوة كبرى والتعاون معهم. كان الروس منزعجين عندما قال اوباما ان روسيا قوة اقليمية كبرى. الآن تتأكد الولايات المتحدة، بحسب رأي الروس، ان روسيا دولة عظمى ويهم موسكو الآن، ان تتصالح الإدارة الأميركية مع روسيا انطلاقاً من ان الأخيرة دولة عظمى، خصوصاً بعد الوقائع في سوريا وحلب تحديداً، واوكرانيا. ما يعني ان روسيا تريد تأكيد دورها الحاسم في الأزمة السورية، ثم تريد أيضاً إعطاء رسالة للجميع أن مفتاح الحل للأزمة السورية، تمتلكه روسيا، وهي تتمتع بدور رئيسي في أي حل سياسي، أو عسكري، إذا رأت الأطراف أنه هو الملاذ الأخير. مع الإشارة إلى ان روسيا رغم هذا الموقف، تؤيّد أساساً الحل السياسي.
وتشير المصادر الى ان الروس يعتقدون انه بالسيطرة على حلب، يقدمون رسالة، ان لا حل عسكرياً، وإذا أراد أي طرف الذهاب في اتجاهه، فإنه لن يتم عند مرحلة التفاوض إلا بضمان مصالح روسيا لعقود طويلة من الزمن.
وتؤكد المصادر ان روسيا متفائلة بإمكان التعاون مع ترامب، الأمر الذي يلغي حالة الجمود التي كانت سائدة في العلاقات الأميركية – الروسية في عهد اوباما، مع الأخذ بالاعتبار ان لدى ترامب أولوية محاربة الإرهاب. فضلاً عن ذلك، بات لدى تركيا أجندتها الخاصة في سوريا. فالسؤال «متى كانت تركيا تسمح بسقوط حلب؟»، حالياً، هناك تلاقي مصالح دولية مع بعض المصالح الاقليمية، ما أدى إلى تغييرات في مواقف بعض الدول بكل بساطة.
والأخطر من كل ذلك، وفقاً للمصادر، ان الأزمة السورية مفتوحة لوقت طويل، حيث لا حل سياسياً في الأفق. وما سيتحقق على الأرض سيُفرض على طاولة المفاوضات السياسية إذا أرادت واشنطن لاحقاً البدء بها. وعدم وجود بوادر للحل في سوريا، يعني انعدام الحل أيضاً في كل من اليمن والعراق، وما يتصل بالعلاقات الخليجية – الإيرانية. المهم ان لبنان استطاع تمرير استحقاقه الرئاسي، والمهم الآن تمرير استحقاق تشكيل الحكومة.