Site icon IMLebanon

الصحوة العربيّة

تُرى، هل هي الصحوة، الصحوة العربيّة الحقيقيّة التي طال انتظارها، وبُحَّ صوت المنطقة المشتعلة بكل أنواع الفتن والانقسامات والغزوات من فرط ما نادت عليها واستغاثت بها؟

هل هي تلك الصحوة التي تفتّش عنها الأجيال العربيّة المتعاقبة منذ نكبة فلسطين بالفتيلة والسراج، ولكن لا بسراج ديوجين حتماً، بل بسراج القيادات الدينيّة المتنوّرة، والعلماء الأفذاذ، والغيارى على تميُّز العالم العربي والجغرافيا العربيّة بتنوّع نادر لأهلها، وناسها، وأرضها، وفضائها، وما حباها الله به دون الآخرين؟

بناءً عليه، وعلى أفعال المندسّين والمتطرّفين والإرهابيّين والمتطفّلين، وأعداء الدين والعرب والتاريخ والجغرافيا، كان “مؤتمر الأزهر لمواجهة الإرهاب والتطرّف”، وكان هذا الإقبال المنقطع النظير والمتمثّل بحضور المئات من رجال الدين والعلماء والفقهيّين من مسلمين ومسيحيّين، والذين وقفوا تلك الوقفة التاريخيّة التي لا بدّ أن تعجّل في تغيير الكثير من واقع الحال، والوقائع الأليمة، وتضع الأمور في نصابها، وتُعيد إلى العالم العربي وجهه المضيء وتراثه المشرق والمبهر.

لقد وضع المؤتمر يده على الجرح. وعلى بيت الداء، واتّفق المؤتمرون بكل انتماءاتهم التي شملت مختلف الطوائف والأديان والمذاهب، فضلاً عن ممثّلين روحيّين ومفكّرين وعلماء من شتّى الأعراق والأرجاء، على مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.

واستناداً إلى هذه الأسس والقناعات بُنيَ البيان النهائي للمؤتمر، وكانت الصراحة والموضوعيّة والمسؤوليّة من الأعمدة التي ارتكز عليها المؤتمرون: “إن التعرّض للمسيحيّين وأهل الأديان والعقائد الأخرى باصطناع أسباب دينيّة هو خروج على صحيح الدين وتوجيهات النبي، وتنكُّر لحقوق الوطن والمواطنين”.

وتأكيداً لتمسّكهم بالتنوّع التاريخي الذي يضفي على العالم العربي، والمنطقة، والشرق الأوسط بكامله صفة التميّز المنقطع النظير، وجّه المؤتمرون بصوت واحد نداء إلى المسيحيّين لعدم الهجرة، وناشدوهم التمسّك بأرضهم والتجذّر فيها.

إنه المؤتمر الأوّل في العصر الحديث، تستضيفه القاهرة تحت راية الأزهر الشريف، وفي حضور تاريخ مصر وتقاليدها الراسخة في القدم، ويضمّ هذا العدد النادر من المشتركين، وهذا التنوّع الذي شمل كل الأديان والعقائد، مما دفع رئيس أساقفة كانتربري لتوجيه “تحيّة تقدير” إلى الإمام الطيب، مشيداً بمركز الاعتدال ودور الأزهر في تصويب الاتجاهات، وتقويم الاعوجاجات، ووضع الأمور في نصابها.

فهل تكتمل الصحوة ويصغي العالم العربي إلى علمائه وعقلائه ومريدي الخير له؟