IMLebanon

رهان العجز العربي  وسقوط القناع الاسرائيلي

بنيامين نتنياهو لا يتورّع عن قول أي شيء ليبقى في السلطة. ولا عن فعل أي شيء كرئيس حكومة لإبقاء عملية التسوية مجرد شعار معلّق في الهواء. فمن أجل أن يربح الانتخابات، تحدّى في قلب الكونغرس رئيس الدولة التي تموّل وتسلح وتحمي اسرائيل، واصفاً الاتفاق على الملف النووي الايراني الذي يراه أوباما مصلحة استراتيجية أميركية، بأنه خطر وجودي على اسرائيل. وخوفاً من الفشل، كشف ساعة الحشرة موقفه الحقيقي المغطى بالحديث المخادع عن حلّ الدولتين. إذ قال للناخبين: انتخبوني وانسوا الدولة الفلسطينية وخذوا المزيد من المستوطنات. فلا دولة فلسطينية ما دمت رئيساً للوزراء. وهو تولى رئاسة الحكومة حتى اليوم ثلاث مرات.

عندما وصل الى رئاسة الحكومة للمرة الأولى عام ١٩٩٦ كان على مكتبه مشروع استراتيجي أعدّه فريق من الأميركيين والاسرائيليين المتطرفين مبني على التخلص من عملية السلام. لكنه مارس الخداع بالحديث عن السلام مع سوريا، وأرسل الى دمشق كوسيط صديقه الأميركي اليهودي لاودر، حسب كتاب الرواية المفقودة لوزير الخارجية السوري وقتها فاروق الشرع. ويروي الرئيس كلينتون في مذكراته انه قال لنتنياهو ان ثمن السلام مع سوريا معروف وهو اعادة الجولان اليها، فلماذا لا تطرح الانسحاب؟ وكان جواب نتنياهو: لماذا انسحب ما دام السوريون عاجزين عن استعادة الجولان بالقوة؟

وقبل ذلك فعلها اسحق شامير في مؤتمر مدريد للسلام بعدما ضغط عليه الرئيس بوش الأب ووزير الخارجية جيمس بيكر لحضور المؤتمر. اذ لم يكتم القول انه كان ينوي التفاوض مع العرب لعشر سنين من دون التوصل الى شيء لتكمل اسرائيل فرض الحقائق على الأرض. وقبل ذلك أيضاً اعترف الدكتور هنري كيسنجر بأن الحلم السري لاسرائيل هو تشريع الستاتيكو.

لكن القيادات العربية عامة والفلسطينية خاصة، لم تتوقف عن الرهان على دور اميركي يأتي بالتسوية، وأحياناً على حل يفرضه الأميركان والروس، ومرات على فوز حزب العمل في الانتخابات. أما الذي توقفت القيادات عن وضعه على جدول الاعمال، فانه الخيار العسكري العربي الذي انتهى بعد حرب تشرين ١٩٧٣ وما صار الخيار الوحيد، هو الحل السياسي السلمي. والمفارقة ان القيادات العربية التي تدور حول الحل السلمي من دون جدوى مع اسرائيل، تمارس الحل العسكري مع الشعوب في بلدانها.

والمخيف ليس فقط العجز عن مواجهة الخطر الاسرائيلي بل أيضاً زحام مخاطر جديدة تكاد تطغى همومها على هموم الصراع العربي – الاسرائيلي. والأحزان لا تأتي فرادى كما قال شكسبير. كذلك الأخطار.