عقدت القمّة العربية في الأردن، وأكّد الزعماء والقادة العرب في كلماتهم خلال الاجتماع «مركزية القضية الفلسطينية وضرورة وقف القتال في سوريا والتوصل الى حلّ سياسي، إضافة إلى خطر الإرهاب وتدخّل إيران في المنطقة».
إجتمع رؤساء العرب، في ظلّ منطقة عربية تتآكلها نار الحرب وتعلو فيها صرخات شعب أثقل التهجير والموت والتشريد كاهله. يجتمعون وانقساماتهم المذهبية والمناطقية واضحة، تسيّرها مصالحهم. يجتمعون وسط ضياع قضيتهم الأساسية في حربهم مع العدو الإسرائيلي.
أُخضعت المنطقة تاريخياً تحت تسويات غربية هدفت إلى ضربها وتدميرها واستغلال مواردها البشرية والطبيعية، لذلك لم تستطع تلك الأمة في تاريخها الوقوف صفاً واحداً حول قضاياها، إلّا في القليل منها، كسلاح النفط الذي استُخدم في وجه الغرب عام 1973.
إنّ التطورات الحالية في المنطقة تزداد تعقيداً وانقساماً بسبب تدخّلات لدول إقليمية ودولية تعمل على إدارة الحرب فيها، لتثبيت نفوذها من جهة، ووجود مجموعات تقاتل تحت عنواين مختلفة مدعومة خارجياً تعمل على ضرب كيان الوحدة العربية، من جهة ثانية.
أمام هذه الأحداث وتطوراتها الدراماتيكية، في سوريا والعراق واليمن وليبيا، تشهد المنطقة رسماً للجغرافيا السياسية فيها، بما يتناسب مع مصالح كل منها.
أبرزها:
• حرب باردة بين روسيا والغرب على أرضنا العربية، التي أصبحت تُشكّل مناطق نفوذ لها تعمل على فرض السيطرة عليها لتوجيه الرسائل للخصم. فإنّ ردّ موسكو على العقوبات الأميركية الجديدة، وفق النائب الروسي في مجلس (الدوما) ليونيد سلوتسكي، سيكون في تحقيق تقدّم في الحرب الدائرة في الشرق الأوسط.
• تطوّر العلاقة الإيرانية – الروسية، التي تنعكس في تحديد رؤيتها وتدخلاتها في منطقة الشرق الأوسط. إذ أكّد الرئيس الإيراني حسن روجاني أنّ «التعاون بين طهران وموسكو ليس موجّهاً ضدّ دول أخرى، بل يهدف إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة»، معتبراً أنّ «للبلدين خبرة جيدة في مكافحة الإرهاب الدولي».
وأضاف أنّ «العلاقات بين إيران وروسيا دخلت مرحلة نوعية جديدة»، أملاً في أن «تسمح زيارته الحالية إلى موسكو بتحديد خطوات جديدة لتعزيز العلاقات الإيرانية – الروسية».
• المغامرة التركية في سوريا والعراق، حيث توغّل جيشها في عمق الأراضي العربية. لقد أكّد الرئيس التركي رجب أردوغان في عدد من تصاريحه على دور تركيا في منطقة الشرق الأوسط، وأنّ سيطرة جيشه ودعمه لبعض القوى المسلّحة المحلية في أكثر من بلد عربي، لدليل على أحلام تركيا بعودة السلطنة العثمانية الى سابق عهدها».
• «إسرائيل» ومَن يدعمها من سياسة أميركية، تسعى إلى فرض مشروعها «الشرق الأوسط الجديد». هذا المشروع الذي ينسجم مع بناء الدولة اليهودية، وضرب المنطقة تحت شعار «الفوضى الخلاقة»، للقضاء على كلّ نهوض وتقدّم عربي.
إنّ التدخلات الأجنبية في منطقتنا عبر وضعهم مشاريعاً تتناسب مع مصالح نفوذهم باتت أقرب إلى التحقيق. بسبب غياب وحدة عربية في الرؤية والقرار، وبسبب ضياع قوميتنا وتمزيقها طائفياً بين أبناء البلد الواحد. لذلك، ما تعيشه المنطقة العربية، هو مرحلة مخاض قد يطول، ما سيزيد من آلام الشعب العربي.
أخيراً، مهما يكن من سياسات تدميرية تُحاك للمنطقة، إلّا إنّ العرب يحتاجون إلى إرادة واحدة جامعة في رسم المصير، وضرب السياسات الأجنبية، لوقف النزف العربي والتهجير والتدمير المبرمج. لهذا، نحن اليوم بحاجة إلى وحدة تتماسك في ما بينها، تعمل على ترسيخ روح الوحدة، ووضع رؤية مشتركة، وبعدها نعقد قمة عربية.